نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 213
الملك أن ملكاً من ملوك الروم يقال له فسيان نظر يوماً إلى شاهين يهوي منحدراً على طير الماء فيضربه ثم يسمو مرتفعاً في الهواء ، حتى فعل ذلك مراراً ، فقال : هذا طير ضارٍ تدُلنا قوة انحداره على الطير في الماء أنه ضار ، وتدلنا سرعة ارتفاعه في جو السماء على أنه طير أبيُّ ألوف على أنه طير آبق ، فلما رأى إلى حسن تكراره أعجبه ، فكان أول من اتخذ الشواهين . وقد ذكر سعيد بن عبيس عن هاشم بن خديج قال : خرج قسطنطين ملك عمورية متصيداً بالبزاة ، حتى انتهى إلى خليج نيطس الجاري الى بحر الروم فعبر الى مرْج بين الخليج والبحر فسيح مديد ، فنظر الى شاهين يتكفأ ينقض على طير الماء ، فأعجبه ما رأى من سرعته وضراوته ، ولم يدر الحيلة في صيده ، فأمر أن يصطاد له ، فضرَّاه ، وكان قسطنطين أول من لعب بالشواهين ، ونظر إلى ذلك المرج طويل البساط مفروشاً بألوان الزهر ، فقال : هذا موضع حصين بين نهر وبحر ، وله سعة وامتداد يصلح أن يكون فيه مدينة ، فبنى فيه مدينة القسطنطينية ، وسنذكر فيما يرد من هذا الكتاب عند ذكرنا لملوك الروم قسطنطين بن هلاين هذا ، وما كان من خبره ، وهو المظهر لدين النصرانية ، وهذا الوجه أحد ما ذكر من السبب الداعي لبناء القسطنطينية . وقد ذكر ابن غفير عن أبي زيد الفهري أنه كان من رتبة ملوك الاندلس اللَّذَارقة أنه إذا ركب الملك منهم صارت الشواهين في الهواء مظلة لعسكره ، مخيمة على موكبه ، تنحدر عليه مرة وترتفع أخرى ، معلمة لذلك ، فلا تزال على ما وَصفنا في حال مسيره حتى ينزل فتقع حوله ، إلى أن ركب يوماً ملك منهم يقال له
213
نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 1 صفحه : 213