نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 3 صفحه : 230
فأنشده ، فقال : يا أبا المستهل ، إن لي ضيعة قد أعطيت فيها أربعة آلاف دينار ، وهذا كتابها ، وقد أشهدت لك بذلك شهوداً وناوله إياه ، فقال : بأبي أنت وأمي ، إني كنت أقول الشعر في غيركم أريد بذلك الدنيا والمال ، ولا والله ما قلت فيكم شيئاً إلا لله ، وما كنت لآخذَ على شيء جعلته لله مالا ولا ثمناً ، فألح عبد الله عليه ، وأبى من اعفائه ، فأخذ الكميت الكتاب ومضى ، فمكث أياماً ، ثم جاء الى عبد الله فقال : بأبي أنت وأمي يا ابن رسول الله ، إن لي حاجة ، قال : وما هي ؟ وكل حاجة لك مقضية ، قال : كائنة ما كانت ؟ قال : نعم ، قال : هذا الكتاب تقبله وترتجع الضيعة ، ووضع الكتاب بين يديه ، فقبله عبد الله . عبد الله بن جعفر يثيب الكميت : ونهض عبد الله بن معاوية بن عبد الله ابن جعفر بن أبي طالب ، فأخذ ثوباً جلداً فدفعه الى أربعة من غلمانه ، ثم جعل يدخل دور بني هاشم ، ويقول : يا بني هاشم ، هذا الكميت قال فيكم الشعر حين صَمَتَ الناس عن فضلكم ، وعرَّض دمَه لبني أمية ، فأثيبوه بما قدرتم ، فيطرح الرجل في الثوب ما قدر عليه من دنانير ودراهم ، وأعلم النساء بذلك ، فكانت المرأة تبعث ما أمكنها ، حتى إنها لتخلع الحلي عن جسدها ، فاجتمع من الدنانير والدراهم ما قيمته مائة الف درهم ، فجاء بها الى الكميت ، فقال : يا أبا المستهل ، أتيناك بجهد المُقِلِّ ، ونحن في دولة عدونا ، وقد جمعنا لك هذا المال وفيه حلي النساء كما ترى ، فاستعن به على دهرك ، فقال : بأبي أنت وأمي ، قد أكثرتم وأطيبتم ، وما أردت بمدحي إياكم إلا الله ورسوله ، ولم أك لآخذ لذلك ثمناً من الدنيا ، فأردده إلى أهله ، فجهد به عبد الله أن يقبله بكل حيلة ، فأبي ، فقال : إن أبيت [1] أن تقبل فإني رأيت أن تقول شيئاً تغضب به بين الناس ، لعلَّ فتنةً تحدث فيخرج من بين أصابعها بعض ما تحب ، فابتدأ الكميت وقال قصيدته التي