نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 2 صفحه : 40
والعادة قطع الرجل نفسه لصلة وطنه . وقال ابن الزبير : ليس الناس بشيء من أقسامهم أقنع منهم بأوطانهم ، وقال بعض حكماء العرب : عمر الله البلدان بحب الأوطان ، وقالت الهند : حرمة بلدك عليك كحرمة والديك ، لان غذاءك منهما ، وغذاءهما منه ، وقال آخر : أولى البلدان بصيانتك بلد رضعت ماءه ، وطعمت غذاءه ، وقال آخر : ميلك الى موضع مولدك من كرم محْتدك ، وقال بقراط : يداوى كل عليل بعقاقير أرضه ، فان الطبيعة تتطلع الى هوائها ، وتنزع الى غذائها ، وقال أفلاطون : غذاء الطبيعة من انفع أدويتها ، جالينوس : يتروح العليل بنسيم أرضه ، كما تنبت الحبة ببلل الارض [1] . وللنفوس في علة حنينها الى الأوطان كلام ليس هذا موضعه ، وقد ذكرناه في كتابنا المترجم ب « سر الحياة » وفي كتاب « طب النفوس » . فضل علم الأخبار : ولو لا تقييد العلماء خواطرهم على الدهر لبطل أول العلم ، وضاع آخره ، إذ كان كل علم من الأخبار يستخرج وكل حكمة منها تستنبط [2] والفقه منها يستثار [3] ، والفصاحة منها تستفاد ، وأصحاب القياس عليها يبنون ، وأهل المقالات بها يحتجون ومعرفة الناس منها تؤخذ ، وأمثال الحكماء فيها توجد ، ومكارم الأخلاق ومعاليها منها تقتبس ، وآداب سياسة الملك والحزم [4] منها تلتمس ، وكل غريبة منها تعرف ، وكل عجيبة منها تستطرف ، وهو علم يستمتع بسماعه العالم والجاهل ، ويستعذب موقعه الأحمق والعاقل ، ويأنس بمكانه وينزع اليه الخاصي والعامي ، ويميل الى رواياته [5] العربي والعجمي .
[1] في نسخة : كما تثوب الجنة ببل القطر . [2] زيادة في بعض النسخ . [3] في نسخة : يستشار . [4] في نسخة : سياسة الملك والحرب . [5] في نسخة : ويميل الى روايته .
40
نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 2 صفحه : 40