نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 2 صفحه : 259
في كل يوم جديد نعاين خلقاً جديداً ، وصوراً في العالم لم تكن وصوراً بادئة قد كانت متأثلة ، وفي هذا ما يدل على حصر الأشياء ووقوعها في غاية انتهاء صورها ، وواجب أن للأشياء بدءاً وانتهاء ، وبطل وهم المتوهم أن الأشياء بلا نهاية ، وان ليس لها ابتداء ولا غاية ، وذلك باطل ومحال فاسد ، ولو وجب أن تكون الأشياء الموجودة بلا بدء ولا نهاية لوجب أن لا يزول شيء من مركزه ، ولا يتحول عن رتبته ، ولبطلت الاستحالة ، وسقطت المضادة ، وهذا مستحيل ، ولو وجب أن تكون الأشياء على غير نهاية ، لما كان لقولنا اليوم وأمس وغداً معنى ، لأن هذه الأزمان تعد ما هو بالنهاية ، ويوجد في حوزتها إيجاد ما لم يكن وإدخالها في حوزتها ما هو كائن . وفيما ذكرنا ما أوضح عن تنقل شأن المعاني ، ودل على حدوث الأجسام ، وهذه الدلالة مأخوذة من الحس ، ومستظهرة [1] للعقول والبحث . المحدث للعالم : إذ قد وضح ان الأشياء مُحْدَثَة لكونها بعد أن لم تكن فلا بد لها من محدث هو بخلافها لا شكل له ولا مثل ، لأن العقل لا يقيم لشيء مثلا حتى يعلم له قدراً ووزناً ، ويعادله بمثله وشكله ، وتعالى جل وعز من لا تعَبِّر عن ذاته اللغات ، وتعجز العقول أن تحصره بالصفات ، وتدركه بالإشارات ، أو يكون ذا غايات ونهايات . قال المسعودي : فلنرجع الآن الى الكلام في حصر تاريخ العالم ووصف أقاويل الطوائف في ذلك المعنى ، لأنا انما ذكرنا الكلام في