responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرآة الجنان وعبرة اليقظان نویسنده : عبد الله بن أسعد اليافعي اليمني المكي    جلد : 1  صفحه : 334


وصل بي إلى دار فأجلسني على بابها وقال : اجلس يا محمد حتى أخرج إليك . قال : فما لبثت إلا يسيراً حتى خرج وقال : ادخل يا محمد فدخلت وطلعت فإذا أنا بمكان واسع وفوقه مرتبة وجمع كثير فيهم يحيى بن خالد والفضل وجعفر وسائر أهل الدولة . قال : فأخرج مولود من باب عن يمين الفضل ، وكانت ليلة سابعة ولا علم لي به ، فأقبلوا يقرؤون ومجامر الندى تختلف بينهم ، والشماع المعنبرة تضيء بأيدي الخدم ، فلما فرغوا من ختمتهم قام الشعراء ، كل يهنيه بطلعته ويبشره برؤيته ، فنثرت عليهم الدنانير مطيبة بالمسك ، فما بقي أحد إلا أخذ في كمه ، وأخذت معهم ، وخرج الناس والشعراء ، وخرجت معهم ، فلحقني خادمان ، وقالا : ارجع يا محمد ، فرجعت فلقيت الفضل وهو جالس مع ابنه أو قال مع أبيه بالمثناة من تحت بعد الموحدة ، فقال : يا محمد قد سمعت ما كان من هذه الليلة والله ما أعجبني من أشعارهم لا قليل ولا كثير ، وقد أحببت أن تسمعني في المولود شيئاً ، قال فقلت : يا سيدي هيبتك تمنعني من قول الشعر وغيره ، قال : لا بد لك ولو بيتاً واحداً فقليلك كثير ، فأطرقت ساعة ، ثم قلت : يا سيدي ، حضرني بيتان ، قال : هاتهما فأنشأت أقول : ه عن أبي وشكرت إحسانه وعرفته بوصول المال ، فقال لي : و يحك أقسطاراً كنت لأبيك ؟ يعني صيرفياً له اخرج عني لا بارك الله فيك . فخرجت ورددت المال إلى أبي وعجبنا من حاله فقال لي يا بني والله ما تسمح نفسي لك بذلك ، ولكن خذ ألف ألف درهم واترك لأبيك ألفي ألف درهم قال : فتعلمت منه الكرم والتيه ، وعمارة المذكور من أولاد عكرمة مولى ابن عباس ، قال : وكان كاتب أبي جعفر المنصور ومولاه ، وكان بهياً كريماً بليغاً فصيحاً ، وكان المنصور وولده المهدي يقدمانه ويحتملان أخلاقه لفضله وبلاغته ووجوب حقه ، وولي لهما الأعمال الكبار ، وله رسائل مجموعة . ويحكى أن الفضل دخل عليه حاجبه يوماً ، فقال : ان بالباب رجلاً زعم أن له سبباً يمن به إليك ، فقال : ادخله ، فأدخله فإذا هو شاب حسن الوجه رث الهيئة ، فسفم ، فأومى إليه بالجلوس فجلس ، فقال له بعد ساعة : ما حاجتك ؟ قال : أعلمتك بها رثاثة ملبسي ، قال : نعم فما الذي يمن به ؟ قال ولادة بقرب من ولادتك ، وجوار يدنو من جوارك ، واسم مشتق من اسمك ، قال الفضل : أما الجوار فقد يمكن وقد يوافق الاسم الاسم ولكن من أعلمك بالولادة ؟ قال : أخبرتني أمي أنها لما ولدتني قيل لها : و لد هذه الليلة ليحيى بن خالد غلام ، وسمي الفضل فسمتني أمي فضيلاً إكباراً لاسمك أن يلحقني به ، وصغرته لقصور قدري عن قدرك ، فتبسم الفضل وقال : كم أتى عليك من السنين ؟ قال : خمس وثلاثون سنة ، قال : صدقت هذا المقدار الذي أعد ، قال : فما فعلت أمك ؟ قال : ماتت قال فما منعك من اللحاق بنا متقدماً ؟ قال : لم أرض نفسي للقائك لأنها كانت في عامية معها حداثة تقعدني عن لقاء الملوك ، وعلق هذا بقلبي منذ أعوام فشغلت نفسي بما يصلح للقائك حتى رضيت نفسي ، قال : فما يصلح له ؟ قال : الكبير من الأمر والصغير ، قال يا غلام : اعطه لكل عام مضى من سنيه ألف درهم ، وأعطه عشرة آلاف درهم يحمل بها نفسه إلى وقت استعماله ، وأعطه مركوباً سرياً . قلت ومن المستغربات أيضاً ما حكي عن الفضل بن يحيى محمد بن يزيد الدمشقي الشاعر قال : ما شعرت في بعض الليالي إلا وإذا بقارع يقرع الباب قال : فخرجت إليه ، وقلت : من ؟ قال : أجب الأمير ، قلت ومن الأمير ؟ قال : الفضل بن يحيى بن خالد بن برمك ، قال : فقلت : لعلك غلطت في الرسالة ، قال : الست محمد بن يزيد الدمشقي ؟ قلت : بلى ، قال : فإليك أرسلت ، قال : فأخذت أطماراً كانت لي وخرجت أقفو أثره حتى وصل بي إلى دار فأجلسني على بابها وقال : اجلس يا محمد حتى أخرج إليك . قال : فما لبثت إلا يسيراً حتى خرج وقال : ادخل يا محمد فدخلت وطلعت فإذا أنا بمكان واسع وفوقه مرتبة وجمع كثير فيهم يحيى بن خالد والفضل وجعفر وسائر أهل الدولة . قال : فأخرج مولود من باب عن يمين الفضل ، وكانت ليلة سابعة ولا علم لي به ، فأقبلوا يقرؤون ومجامر الندى تختلف بينهم ، والشماع المعنبرة تضيء بأيدي الخدم ، فلما فرغوا من ختمتهم قام الشعراء ، كل يهنيه بطلعته ويبشره برؤيته ، فنثرت عليهم الدنانير مطيبة بالمسك ، فما بقي أحد إلا أخذ في كمه ، وأخذت معهم ، وخرج الناس والشعراء ، وخرجت معهم ، فلحقني خادمان ، وقالا : ارجع يا محمد ، فرجعت فلقيت الفضل وهو جالس مع ابنه أو قال مع أبيه بالمثناة من تحت بعد الموحدة ، فقال : يا محمد قد سمعت ما كان من هذه الليلة والله ما أعجبني من أشعارهم لا قليل ولا كثير ، وقد أحببت أن تسمعني في المولود شيئاً ، قال فقلت : يا سيدي هيبتك تمنعني من قول الشعر وغيره ، قال : لا بد لك ولو بيتاً واحداً فقليلك كثير ، فأطرقت ساعة ، ثم قلت : يا سيدي ، حضرني بيتان ، قال : هاتهما فأنشأت أقول :
ويفرح بالمولود من آل برمك * ولا سيما إن كان من ولد الفضل ويعرف فيه الخير عند ولادة * ببذل الندى والجود والمجد والفضل قال : فتهلل وجهه فرحاً وقال : ما سررت قط بمثل هذا ، وأمر لي بعشرة آلاف دينار وقال : خذها يا محمد فهو أول حقك ، فأخذت المال وخرجت وأنا من أشد الناس فرحاً ، واشتريت به أرضاً وعقاراً وفتح الله علي وكثر مالي وعظم جاهي ، فما أقمت إلا يسيراً حتى دارت على البرامكة الدائرة وكان عندي حمام بإزاء داري ، فأمرت قيم الحمام أن ينظفه ولا يدخله أحد ، ثم دخلت فيه وقضيت ما أحتاج إليه وأرسلت إلي قيم الحمام أطلب منه أن يرسل إلي بمن يدلكني ويغمزني ، فأرسل إلي بصبي حسن الوجه فدلكني وغمزني ، فلما استلقيت على قفاي ذكرت أيام البرامكة ، ان جميع ما أملكه من فضل الله تعالى هو على يد الفضل وذكرت البيتين فقلت :
ويفرح بالمولود من آل برمك * ولا سيما إن كان من ولد الفضل ويعرف فيه الخير عند ولادة * ببذل الندى والجود والمجد والفضل قال فرأيت الصبي الذي كان يدلكني قد انقلبت عيناه وانتفخت أوداجه وسقط مغشياً عليه ، فظننت أنه مجنون فأخذت ثيابي ومضيت إلى منزلي وأمرت إلى قيم الحمام ، فلما حضر قلت : أرسلت إلي المجنون يدلكني ويغمزني الحمد لله على السلامة منه ، قال والله يا سيدي ما به جنون ، وإن له عندي سنا كثيرة ما رأيت منه شيئاً ، فقلت : علي به الساعة ، فلما حضر أنسته من نفسي حتى اطمأنت نفسه وقلت : و ما ذلك العارض الذي رأيته منك ؟ قال لي

334

نام کتاب : مرآة الجنان وعبرة اليقظان نویسنده : عبد الله بن أسعد اليافعي اليمني المكي    جلد : 1  صفحه : 334
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست