وفيها توفي الحسن بن صالح الهمداني فقيه الكوفة وعابدها ، قال وكيع : كان يشبه سعيد بن جبير ، كان هو وأخوه علي وأمهما قد جزءا الليل ثلاثة أجزاء ، فماتت أمهما فقسما الليل بينهما ، فمات علي ، فقام الحسن الليل كله . وفيها توفي فقيه الشام بعد الأوزاعي أبو محمد سعيد بن عبد العزيز التنوخي ، عاش نحواً من ثمانين سنة ، كان صالحاً قانتاً خاشعاً ، قال الحاكم : هو لأهل الشام كمالك لأهل المدينة . وفيها توفي أبو حمزة محمد بن ميمون المروزي السكري ، كان شيخ بلده ؤ والفضل والعبادة . وفيها وقيل في التي تليها ، قتل بشار بن برد ، العقيلي مولاهم الشاعر المشهور ، كان أكمه جاحظ العينين قد تغشاها لحم أحمر ، وكان ضخماً عظيم الخلق طويلاً ، وهو في أول مرتبة المحدثين من الشعراء والمجيدين في الشعر ، ومن شعره المشهور : إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن * بحزم نصيح أو نصاحة حازم ولا تجعل الشورى عليك غضاضة * قريش الخوافي تابع قوة للقوادم وما خير كف أمسك الغل أختها * وما خير سيف لم يؤيد بقائم وفي شعره أيضاً : يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة * والأذن تعشق قبل العين أحيانا قالوا لمن لا ترى تبدي فقلت لهم * الأذن كالعين تؤتي القلب ما كان أخذ معنى البيت الأول أبو حفص المعروف بابن الشحنة الموصلي في قوله قصيدة يمدح بها السلطان صلاح الدين : وإني امرؤ أحببتكم لمكارم * سمعت بها والأذن كالعين تعشق وشعر بشار كثير سائر شاهد ببلاغته ، فلا حاجة إلى التطويل بالاكثار من كتابته ، وكان يمدح المهدي بن المنصور أمير المؤمنين العباسي فرمي عنده بالزندقة ، فأمر بضربه ، فضرب سبعين سوطاً ، فمات من ذلك في البطيحة بالقرب من البصرة ، فجاء بعض أهله فحمله إلى البصرة فدفنه بها ، وقد نيف على التسعين وقيل والله أعلم به أنه كان يفضل النار على الأرض يعني الطين ، ويصوب رأى إبليس في امتناعه عن السجود لآدم صلى الله عليه وآله