ذواق ، ويخرجون أدلة يعني على الخير " . قلت : وقوله عن ذواق ؟ قيل : ذواق العلم والفوائد ، لأنه صلى الله عليه وآله وسلم ما كان عنده شيء من الدنيا يسع به الخلايق ، قال : فسألته عن مخرجه كيف كان يصنع فيه ؟ قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخزن لسانه إلا فيما يعنيه ، ويؤلفهم ولا ينفرهم ، ويكرم كريم كل قوم ، ويوليه عليه ، ويحذر الناس ، ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد منهم بشره ، ولا بخلقه ، ويتفقد أصحابه ، ويسأل الناس عما في الناس ، ويحسن الحسن ويصوبه ، ويقبح القبيح ويوهيه ، معتدل الأمر غير مختلف لا يغفل ، مخافة أن يغفلوا ، أو يميلوا لكل امرئ عنده عتاد ، يعني أهبة لا يقصر عن الحق ولا يجاوزه الذين يلونه من الناس ، خيارهم وأفضلهم عنده أعمهم نصيحة ، وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة ومواراة . قال فسألته عن مجلسه فقال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر ، فإذا انتهى إلى قوم ، جلس حيث ينتهي به المجلس ، ويأمر بذلك . يعطي كلاً نصيبه لا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه ممن جالسه . ومن سأله عن حاجته لم يرده ألا بها أو بميسور من القول قد وسع الناس بسطه وخلقه ، فصار لهم أباً وصاروا عنده في الحق سواء مجلسه مجلس حلم وحياء وصبر وأمانة ، لا ترفع فيه الأصوات ، ولا تؤبن فيه الحرم . يتعاطفون فيه بالتقوى متواضعين ، يوقرون فيه الكبير ، ويرحمون فيه الصغير ويؤثرون ذا الحاجة ، ويحفظون الغريب . وعن أنس رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " لو أهدي إلي كراع لقبلت ولو دعيت إليه لأجبت " . وعن عمرة قالت : قيل لعائشة رضي الله تعالى عنها : ماذا كان يعمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بيته ؟ فقالت : كان بشراً من البشر ، يفلي ثوبه ، ويحلب شاته ويخدم نفسه . وروى الترمذي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : كان يعلف البعير ، ويقم البيت ويخصف النعل ، ويرقع الثوب ، ويعلف الشاة ، ويأكل مع الخادم ويطحن معه إذا أعيى ، وكان لا يمنعه الحياء أن يحمل بضاعته من السوق إلى أهله ، ويصافح الغني والفقير ، ويسلم مبتدياً ، ولا يحقر ما دعي إليه ولو إلى حشف الثمر ، وكان هين المؤنة لين الخلق كريم