أصحابه يحمونه ، فأنكر حميد اجتماعهم ، فحمل عليهم فتفرقوا عن إبراهيم ، فنزل جماعة واحتزوا رأسه وبعث به إلى المنصور في الخامس والعشرين من ذي القعدة وعمره ثمان وأربعون سنة ، وكان قد أذاه يومئذ الحرب وحرارة الزردية فحسروها عن صدره فأصيب في ليته ، ووصل إلى المنصور خلق كثير منهزمين ، وهيىء النجائب ليهرب إلى الري ، وكان يتمثل . ونصبت نفسي للرماح درية * إن الرئيس لمثل ذاك فعول قال : الأصمعي الدرية غير مهموز وهي دابة يستتر بها الصائد فإذا أمكنه الصيد رمى ، وقال أبو زيد هو مهموز لأنها تدرأ نحو الصيد أي تدفع قال الأخطل : فإن كنت قد أقصدتني إذ رميتني * بسهمك فالرامي يصيب ولا يدرا أي لا يستتر ولا يختل يقال : أقصد السهم : أي أصاب فقتل ، فلما أسرعوا إليه بالبشارة وبالرأس تمثل بقول البارقي : فألقت عصاها واستقرت لها النوى * كما قر عيناً بالإياب المسافر قال خليفة : خرج مع إبراهيم هيثم وأبو خالد الأحمر وعيسى بن يونس وعباد بن العوام ويزيد بن هارون ، وكان أبو حنيفة يجاهر في أمره ويأمر بالخروج معه ، قال أبو نعيم : فلما وصل قتل إبراهيم ، هرب أهل البصرة براً وبحراً واستخفى الناس . وفي السنة المذكورة أمر المنصور فأسست بغداد وابتدأ بإنشائها ورسم هيئتها وكيفيتها أولاً بالرماد ، وفرغت في أربعة أعوام بالجانب الغربي ، قيل وبغداد في وقتنا أكثرها من الجانب الشرقي . وفي السنة المذكورة وقيل في سنة ست توفي إسماعيل بن أبي خالد البجلي مولاهم الكوفي الحافظ ، أحد أعلام الحديث ، وكان صالحاً ثبتاً حجة . وفيها توفي عمرو بن ميمون بن مهران الجزري الفقيه ، وكان يقول : لو علمت أنه بقي علي حرف من السنة باليمن لأتيتها . وفيها توفي عبد الملك بن أبي سليمان الكوفي الحافظ أحد المحدثين الكبار ، كان شعبة مع جلالته يتعجب من حفظ عبد الملك .