وجهز عمه عبد الله بن علي لمحاربة مروان فزحف إليه مروان إلى أن نزل بقرب الموصل ، فالتقوا في جمادى الآخرة ، فانكسر مروان ، واستولى عبد الله بن علي على الجزيرة ، وطلب الشام فهرب مروان إلى مصر ، وخذل وانقضت أيامه . فنزل عبد الله على دمشق وحاصرها وبها ابن عم مروان الوليد بن معاوية بن مروان ، فأخذت بالسيف وقتل بها من الأمويين عدة ألوف منهم أميرها الوليد وسليمان بن هشام بن عبد الملك وسليمان بن يزيد بن عبد الملك . وفيها توفي عبد الله بن طاوس اليماني النحوي ، روى عن أبيه قال معمر : كان من أعلم الناس بالعربية وأحسنهم خلقاً ، ما رأيت ابن فقيه مثله . وروي أن أمير المؤمنين أبا جعفر المنصور استدعى عبد الله بن طاوس ومالك بن أنس ، فلما دخل عليه أطرق ساعة ثم التفت إلى ابن طاوس ، فقال له : حدثني عن أبيك ، فقال حدثني أبي أن أشد الناس عذاباً يوم القيامة رجل أشركه الله في سلطانه فأدخل عليه الجور في حكمه ، فأمسك أبو جعفر ساعة قال مالك قصرت ثيابي خوفاً أن يصيبني دمه ، ثم قال له المنصور : ناولني تلك الدواة . ثلاث مرات فلم يفعل ، فقال : لم لا تناولني ؟ فقال : أخاف أن تكتب بها معصية فأكون قد شاركتك بها ، فلما سمع ذلك قال : قوما عني ، قال : ذلك ما كنا نبغي ، قال مالك : فما زلت أعرف لابن طاوس فضيلة من ذلك اليوم . وفيها توفي الإمام الحافظ أبو عتاب منصور بن المعتمر السلمي الكوفي أحد العلماء ، أخذ من أبي وائل وكبار التابعين ، وقال ما كتبت حديثاً قط ، وقال عبد الرحمن بن مهدي : لم يكن بالكوفة أحفظ منه . وقال زائدة : صام منصور أربعين سنة ، وقام ليلها . وكان يبكي الليل كله ، وقيل كان قد عمش من البكاء ، وأكره على قضاء الكوفة فقضى شهرين ، ومناقبه كثيرة شهيرة . وتوفي بالمدينة إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري الفقيه ، وكان مالك لا يقدم عليه أحداً . وفيها توفي أبو عبيد الله صفوان بن سليم المدني الفقيه القدوة ، روى عن ابن عمرو جابر وجماعة ، قال أحمد بن خنبل : ثقة من خيار عباد الله يستنزل بذكره القطر . وفيها توفي يونس بن ميسرة المقري الأعمى ، عاش مائة وعشرين سنة روى عن الكبار ، وكان موصوفاً بالفضل والزهد كبير القدر ، وقتل الأمير محمد بن عبد الملك بن مروان ، والأمير أبو خالد يزيد بن عمر بن هبيرة الفزاري أمير العراقين لمروان ، وله خمس وأربعون سنة ، وكان شهماً شجاعاً خطيباً مفوهاً مفرط الأكل ، واقع بني العباس فهزموه ،