طالب فقه وعلم وشعر وصوف ، تم لم يلبث أن بقي وحده ، وأقبلوا على ربيعه ، وكذا ربيعة أقبلوا على مالك وتركوه ، صدق الله العظيم : " وتلك الأيام نداولها بين الناس " - آل عمران : 140 - قال أبو حنيفة : و كان أبو الزناد أفقه من ربيعة . وفيها توفي واصل بن عطاء المعتزلي المعروف بالغزال أحد أئمة المعتزلة ، كان من البلغاء المتكلمين في العلوم ، وكان ألثغ يبدل الراء غيناً . قال المبرد : كان أحد الأعاجيب ، وذلك أنه كان قبيح اللثغة في الراء وكان يخلص كلامه من الراء ، ولا يلقن لذلك لاقتداره على الكلام وسهولة ألفاظه ، وفي ذلك يقول بعض الشعراء : عليهم بإبدال الحروف وقامع * لكل خطيب يغلب الحق باطله وقال آخر : ويجعل البر قمحاً في تصرفه * وخالف الراء حتى احتال للشعر ولم يطق مطراً والقول يجعله * فعاد بالغيث إشفاقاً من المطر وذكر السمعاني في كتاب الأنساب : ان واصل بن عطاء كان يجلس إلى الحسن البصري ، فلما ظهر الاختلاف : و قالت الخوارج بتكفير مرتكب الكبائر ، وقالت الجماعة بأنهم مؤمنون وإن فسقوا بالكبائر ، خرج واصل بن عطاء من الفريقين وقال : ان الفاسق من هذه الأمة لا مؤمن ولا كافر منزلة بين منزلتين ، فطرده الحسن عن مجلسه ، واعتزل عنه ، وجلس إليه عمرو بن عبيد ، فقيل لهم المعتزلة . قال وكان واصل بن عطاء يضرب به المثل في اسقاطه حرف الراء من كلامه ، واستعمل الشعراء ذلك في شعرهم كثيراً ، فمنهم قول أبي محمد الخازن في قصيدة يمدح بها الصاحب بن عباد . نعم تجنبت لا يوم العطاء كما * تجنب ابن عطاء لفظة الراء وقال آخر : أعد لثغة لو أن واصل حاضر * يسمعها ما أسقط الراء واصل و قال آخر : أجعلت وصل الراء لم ينطق به * وقطعتني حتى كأنك واصل ولقد أحسن في قوله : و قطعتني حتى كأنك واصل ، حسبنا بالغاً عند من يفهم المعاني