وفي السنة المذكورة قتل يوسف بن عمر الثقفي الذي كان أمير العراق في السجن بدمشق ، ذكر بعض المؤرخين أنه ولى هشام بن عبد الملك يوسف بن عمر اليمن ، فلم يزل والياً بها حتى كتب له هشام أن سر إلى العراق فقد وليتك إياه ، وإياك أن يعلم بك ، واشفني من ابن النصرانية يعني خالد بن عبد الله القسري ، وكان والياً عل العراق فاستخلف يوسف ابنه الصلت على اليمن ، وسار إلى العراق في سبعة عشر يوماً ، ودخل المسجد مع الفجر ، فأمر المؤذن بالإقامة ، فقال : حتى يأتي الإمام ، فانتهره فأقام وتقدم يوسف فصلى وقرأ إذا وقعت الواقعة وسأل سائل ، ثم أرسل إلى خالد وخليفته طارق وأصحابهما ، وكان طارق قد ختن ابنه فأهدي إليه ألف عتيق وألف وصيف وألف وصيفة سوى المال والثياب ، فحبس يوسف خالداً ، فصالحه أبان بن الوليد عنه وعن أصحابه بتسعة آلاف ألف درهم ، ثم ندم يوسف وقيل له لو لم تقبل هذا المال لأخذت منه مائة ألف ألف درهم ، وقيل غير ذلك مع قصص يطول ذكرها ، وعاقبة ذلك أنه مات خالد المذكور تحت العذاب الشاق وقد تقدم ذكر ذلك في ترجمته في سنة ست وعشرين . ثم آل الأمر بعد أمور يطول ذكرها إلى أن تولى يزيد بن الوليد بن عبد الملك ، وإطاعة أهل الشام وانبرم له الأمر ، فولى منصور بن جمهور العراق ، فبلغ خبره يوسف بن عمر ، فهرب وسلك طريق السماوة حتى أتى إلى البلقاء فاستخفى بها ، وكان أهله مقيمين فيها ، فلبس زي النساء وجلس بينهن ، فبلغ يزيد بن الوليد خبره ، فأرسل إليه من يحضره ، فوصل إليه وأخذه بعد أن فتش عليه كثيراً فوجده جالساً على تلك الهيئة بين نسائه وبناته ، فجاءوا به في وثاق ، فحبسه يزيد عند الحكم وعثمان ابني الوليد بن يزيد ، وكان يزيد بن الوليد قد حبسهما عند قتله أباهما في الحضراء وهي دار بدمشق مشهورة قبل جامعها . قال ابن خلكان وقد خربت ومكانها معروف عندهم فأقام يوسف بن عمر في السجن إلى أن مات يزيد بن الوليد ، وتولى بعده أخوه إبراهيم بن الوليد ، ومن بعده عبد العزيز بن الحجاج ، ثم تولى بعد الكل مروان بن محمد آخر ملوك بني أمية ، وغلب على الأمر ، خافت جماعة إبراهيم بن الوليد أن يدخل مروان دمشق فيخرج الحكم وعثمان ابني الوليد من السجن ويجعل لهما الأمر فيفتكان فيهم ، فأجمع رأيهم على قتلهما ، فأرسلوا يزيد بن خالد القسري ليتولى ذلك ، فانتدب في جماعة من أصحابه لذلك ، فدخلوا السجن ، وشدخوا