الصحيح توفي الإمام أبو عمرو عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي . وفيها أو في السنة الماضية توفي مرحوم بن عبد العزيز العطار بالبصرة ، وكان محدثاً عابداً صالحاً . وفيها توفي أبو إسحاق إبراهيم بن ماهان التميمي مولاهم المعروف بالنديم الموصلي ، ولم يكن من الموصل وإنما سافر إليها وأقام بها مدة ، وهو من بيت كبير في العجم ، وأول خليفة سمعه المهدي بن منصور ، ولم يكن في زمانه مثله في الغناء واختراع الألحان . وحكي أن هارون الرشيد كان يهوى جارية هوى شديداً ، فتغاضبا مرة ودام بينهما الغضب ، فقال جعفر البرمكي للعباس بن الأحنف : أحب أن تعمل في ذلك شيئاً فعمل : راجع أحبتك الذين هجرتهم * إن المتيم قل ما يتجنب إن التجنب إن تطاول منكما * رب السلو له فعز المطلب وأمر إبراهيم الموصلي يغني به الرشيد ، فلما سمعه بادر فترضاها ، فسألت عن السبب فأخبرت بذلك ، فأمرت لكل واحد من العباس بن الأحنف وإبراهيم بعشرة آلاف درهم ، وسألت الرشيد أن يكافيهما ، فأمر لهما بأربعين ألف درهم ، وتوفي إبراهيم المذكور في السنة المذكورة بالقولنج وقيل في سنة ثلاث عشرة ومائتين ، والأول أصح . سنة تسع وثمانين ومائة فيها الفداء الذي لم يسمع بمثله ، حتى لم يبق في أيدي الروم مسلم إلا فودي به ، وفيها توفي شيخ القراءات والنحو الإمام أبو الحسن علي بن حمزة الأسدي مولاهم الكوفي المعروف بالكسائي ، أحد القراء السبعة ، كان إماماً في النحو واللغة والقراءات ، ولم يكن له في الشعر يد حتى قيل : ليس من علماء العربية أجهل بالشعر من الكسائي ، وكان يؤدب الأمين بن هارون الرشيد ويعلمه الأدب ، وقيل والرشيد أيضاً ، ولم يكن له زوجة ولا جارية فكتب إلى الرشيد يشكو العزبة في هنه الأبيات : قل للخليفة ما تقول لمن * أمسى إليك بحرمة بذلي ؟ ما زلت مذ صار الأمير معي * عبدي يدي ، ومطيتي رجلي وعلى فراشي من ينبهي * من نومة ، وقيامه قبلي