رسولاً إلى الخليفة المستعصم يطلب منه نجدة ، فأراد أن يسيِّر ولم يقدر ، لم يمكنه الوزراء والأمراء وقالوا : إن هولاكو رجل صاحب احتيال وخديعة وليس محتاجاً إلى نجدتنا ، وإنما غرضه إخلاء بغداد عن الرجال فيملكها بسهولة . فتقاعدوا بسبب هذا الخيال عن إرسال الرجال ! ولما فتح هولاكو تلك القلاع أرسل رسولاً آخر إلى الخليفة وعاتبه على إهماله تسيير النجدة ، فشاوروا الوزير فيما يجب أن يفعلوه فقال : لا وجه غير إرضاء هذا الملك الجبار ببذل الأموال والهدايا والتحف له ولخواصه . وعندما أخذوا في تجهيز مايُسَيِّرونه من الجواهر والمرصعات والثياب والذهب والفضة والمماليك والجواري والخيل والبغال والجمال ، قال الدويدار الصغير وأصحابه : إن الوزير إنما يدبر شأن نفسه مع التاتار وهو يروم تسليمنا إليهم فلا نمكنه من ذلك ! فأبطل الخليفة بهذا السبب تنفيذ الهدايا الكثيرة ، واقتصر على شئ نزر لا قدر له ، فغضب هولاكو وقال : لا بد من مجيئه هو بنفسه أو يسيِّر أحد ثلاثة نفر : إما الوزير وإما الدويدار وإما سليمان شاه . فتقدم الخليفة إليهم بالمضي فلم يركنوا إلى قوله ، فسيَّر غيرهم مثل ابن الجوزي وابن محيي الدين ، فلم يُجديا عنه ) . انتهى . وقال الذهبي في تاريخه : 48 / 32 : ( وفي سنة خمس ( 655 ) سار هولاكو من همدان قاصداً بغداد ، فأشار ابن العلقمي الوزير على الخليفة ببذل الأموال والتحف النفيسة إليه ، فثناه عن ذلك الدويدار وغيره وقالوا : غرض الوزير إصلاح حاله مع هولاكو فأصغى إليهم وبعث هدية قليلة مع عبد الله بن الجوزي فتنمر هولاكو ، وبعث يطلب الدويدار وابن الدويدار وسليمان شاه فما راحوا ، وأقبلت المُغُل كالليل المظلم . وكان الخليفة قد أهمد حال الجند وتعثروا وافتقروا وقطعت أخبازهم ، ونظم الشعر في ذلك ! فلا قوة إلا بالله ) . انتهى . فلماذا يتعامى أتباع الخلافة عن حقيقة أن مركز القرار والميزانية كانا بيد الخليفة وبطانته ، ويضعون المسؤولية على شيعي مدني لا يملك القرار ؟ ! ولماذا