ورحل بعسكره إلى جهة تمرلنك ليطرده عن بلاده ، فسار خمسة عشر يوماً فراسله تمر أيضاً يقول له إنك رجل مجاهد في سبيل الله ، وأنا لا أحب قتلك ، ولكن انظر إلى البلاد التي كانت معك من أبيك وجدك فاقنع بها وسلم لي البلاد التي كانت مع أرطنا صاحب الروم في زمن الملك أبي سعيد ، فمال ابن عثمان إلى ذلك ، فبلغه أن التمرية أغاروا على كماخ ونهبوها ، فتحقق أبو يزيد أن تمر لا يحب الصلح ولا يذكره إلا تخذيلاً ، فلما تقارب العسكران أظهر تمر الهزيمة خديعة فلم يفطن ابن عثمان لذلك ، وساق خلفه إلى مكان يسمى الآن المكسورة ، فلما قربوا منهم أخرج تمرلنك طائفة كانوا مستريحين وأراح المنهزمين فتلاقوا مع عسكر ابن عثمان وهم كالموتى من التعب ، فلاقاهم أولئك على الفور فقتل منهم مقتلة عظيمة ، ثم هجم عليهم كمين لتمرلنك فهزمهم ، وتوجه سليمان بن أبي يزيد بن عثمان إلى جهة برصا منهزماً ثم عدا إلى القسطنطينية ومعه أكثر العسكر ، وأحاط التمرية ببقية العسكر وفيهم أبوه فأسروه وأتوا به إلى تمر وتفرقت العساكر شذر مذر ! وخاض التمرية في بلاد الروم فأفسدوا ونهبوا وأحرقوا عدة قرى وأقاموا بالروم أربعة أشهر في الإفساد ، ومات أبو بن مراد بن أردخان بن عثمان في أسر تمرلنك وكان مطلقاً فأدركه أجله إما من القهر أو من غيره ، وفرق تمر ممالكه على من كانت بيده قبل انتزاع ابن عثمان لها منهم ، ورجع تمرلنك إلى بلاده في شعبان من السنة بعد أن صنعوا في الروم نحو ما صنعوا في الشام ، فمات السلطان محمود خان وكان تمر يدبر مملكته والاسم والفعل لهم . . . وكان أبو يزيد بن عثمان من خيار ملوك الأرض ولم يكن يلقب ولا أحد من آبائه وذريته ولا دعي بسلطان ولا ملك وإنما يقال الأمير تارة وخوند خان تارة وكان مهابا يحب العلم والعلماء ويكرم أهل القرآن ؛ وقرأت بخط الشيخ تقي الدين المقريزي أنه سمع الأمير حسن الكجكني يقول دخلت معه لما توجهت إليه رسولاً الحمام فكان الحوض الذي يغتسل منه جميعا فضة وكذا كانت أوانيه التي يأكل فيها ويشرب ويستعملها .