بالوعد والوعيد كما هو منطق الأمور وعادة تيمور ! وقد تقدم قول القلقشندي في صبح الأعشى : 7 / 329 : ( ولقيه السلطان الملك الناصر فرج بن الظاهر برقوق صاحب مصر والشام ، على دمشق ، وجرت بينهما مراسلة ، ثم طرأ للسلطان الملك الناصر ما أوجب عوده إلى مصر لأمر عرض له ) ! انتهى . أقول : السر كل السر في هذه المراسلة ! ومن مؤشراته القوية شهادة المقريزي في ذم السلطان الناصر التي نقلها تلميذه ابن تغري في النجوم الزاهرة : 13 / 150 ، قال : ( ولنذكر هنا من مقالة الشيخ تقي الدين المقريزي في حقه من المساوئ ، نبذة برمتها ، وللناظر فيها التأمل ، قال : وكان الناصر أشأم ملوك الإسلام فإنه خرَّب بسوء تدبيره جميع أراضي مصر وبلاد الشام من حيث يصب النيل إلى مجرى الفرات ، وطرق الطاغية تيمور بلاد الشام في سنة ثلاث وثمانمائة وخرب حلب وحماة وبعلبك ودمشق ، حتى صارت دمشق كوماً ليس بها دار ! وقتل من أهل الشام مالا يحصى عدده ، وطرق ديار مصر الغلاء من سنة ست وثمانمائة ، فبذل أمراء دولته جهدهم في ارتفاع الأسعار بخزنهم الغلال وبيعهم لها بالسعر الكثير ، ثم زيادة أطيان أراضي مصر حتى عظمت كلفته ، وأفسدوا مع ذلك النقود بإبطال السكة الإسلامية من الذهب ، و ( فرضوا ) المعاملة بالدنانير المشخصة التي هي ضرب النصارى ، ورفعوا سعر الذهب حتى بلغ إلى مائتين وأربعين درهماً كل مثقال ، بعد ما كان بعشرين درهماً ، ومكسوا كل شئ ! وأهملَ عمل الجسور بأراضي مصر وألزم الناس أن يقوموا عنها بالأموال التي تجبى منهم وأكثر وزراؤه من رمى البضائع على التجار ونحوهم بأغلى الأثمان ، وكل ذلك من سعد الدين بن غراب وجمال الدين يوسف الأستادار وغيرهما ، فكانا يأخذان الحق والباطل ويأتيان له به لئلا يعزلهم من وظائفهم ، ثم ماتوا فتم هو على ذلك يطلب المال من المباشرين فيسدون بالظلم ، فخربت البلاد لذلك وفشا أخذ أموال الناس ! هذا مع تواتر الفتن واستمرارها بالشام ومصر وتكرار سفره إلى البلاد