يأكلون فله أن يجلس إليهم ويأكل معهم من غير إذن ، وأن لا يدخل أحد يده في الماء ، بل يأخذ منه ملء فيه ويغسل يديه ووجهه ، ولا يبول أحد على الرماد . ويقال إنهم كانوا لا يرون غسل ثيابهم البتة ، ولا يميزون بين طاهر ونجس . ومن طرائقهم أنهم لا يتعصبون لمذهب ، ولا يتعرضون لمال ميت أصلاً ، ولو ترك ملء الأرض ، ولا يدخلونه خزانة السلطان . ومن عاداتهم أنهم لا يفخمون الألفاظ ، ولا يعظمون في الألقاب ، حتى يقال في مراسيم السلطان رسم القان بكذا ، من غير مزيد ألقاب . وأما حالهم في طاعة ملكهم ، فإنهم من أعظم الأمم طاعة لسلاطينهم ، لا لمالٍ ولا لجاهٍ ، بل ذلك دأبٌ لهم ، حتى إنه إذا كان أمير في غاية من القوة والعظمة وبينه وبين السلطان كما بين المشرق والمغرب ، متى أذنب ذنباً يوجب عقوبة وبعث السلطان إليه من أخس أصحابه من يأخذه بما يجب عليه ، ألقى نفسه بين يدي الرسول ذليلاً ، ليأخذه بموجب ذنبه ولو كان فيه القتل ! ومن طريقة أمرائهم أنه لا يتردد أمير إلى باب أمير آخر ، ولا يتغير عن موضعه المعين له ، فإن فعل ذلك عوقب أو قتل ، وإذا عرضوا آلات الحرب على أمرائهم وفوا في العرض حتى بالخيط والإبرة ! ورعاياهم قائمون بما يلزمون به من جهة السلطان طيبة به نفوسهم . وإن غاب أحد من الرجال قام النساء بما عليهم » . وقال المقريزي في المواعظ والاعتبار / 1445 : « وشرَط أن لا يكون على أحد من وُلْد علي بن أبي طالب رضي الله عنه مؤنةٌ ولا كلفة ، وأن لا يكون على أحد من الفقراء ولا القراء ولا الفقهاء ولا الأطباء ، ولا من عداهم من أرباب العلوم