وفي رواية ابن سعد ( 1 / 259 ) أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) بعث رسالته إلى هرقل مع دحية بن خليفة الكلبي ، وكان هرقل يومها في حمص ماشياً في نذر كان عليه إن انتصر على فارس أن يمشي حافياً من قسطنطنية إلى إيليا . فقرأ الكتاب ، وأذن لعظماء الروم في دسكرة له بحمص فقال : يا معشر الروم هل لكم في الفلاح والرشد وأن يثبت لكم ملككم وتتبعون ما قال عيسى بن مريم ؟ قالت الروم : وما ذاك أيها الملك ؟ قال : تتبعون هذا النبي العربي ! قال : فحاصوا حيصة حُمُر الوحش وتفاخروا ، ورفعوا الصليب ! فلما رأى هرقل ذلك منهم يئس منهم وخافهم على نفسه وملكهم فسكنهم ثم قال : إنما قلت لكم ما قلت أختبركم ، لأنظر كيف صلابتكم في دينكم ، فقد رأيت منكم الذي أحب ، فسجدوا له » . وروى ابن عباس عن أبي سفيان أنه قال : « خرجت للتجارة إلى الشام ، فبينا أنا بالشام إذ جئ بكتاب من رسول الله إلى هرقل ، فأرسل هرقل إليه في ركب من قريش فأتوه وهم بإيلياء ، فدعاهم في مجلسه وهو على رأسه تاج وحوله عظماء الروم ، ودعا بترجمانه فقال : أيكم أقرب نسباً بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ؟ فقال أبو سفيان : أنا أقربهم نسباً ، فقال : أدنوه مني وقربوا أصحابه ، فاجعلوهم عند ظهره ، ثم قال : إني سائل هذا عن هذا الرجل فإن كذبني فكذبوه ، فقال : حدثني عن هذا الذي خرج بأرضكم ما هو ؟ قلت : شاب ، قال : كيف نسبه فيكم ؟ قلت : هو فينا ذو نسب . قال : فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله ؟ قلت : لا . قال : فهل كان من آبائه ملك ؟ قلت : لا .