وكتب عمر إلى الأحنف : أما بعد فلا تجوزن النهر واقتصر على ما دونه ، وقد عرفتم بأي شئ دخلتم على خراسان ، فداوموا على الذي دخلتم به خراسان يدم لكم النصر ، وإياكم أن تعبروا فتنفضوا . ولما بلغ رسولا يزدجرد خاقان وغوزك ، لم يستتب لهما إنجاده حتى عبر إليهما النهر مهزوماً ، وقد استتب فأنجده خاقان والملوك ترى على أنفسها إنجاد الملوك ، فأقبل في الترك وحشر أهل فرغانة والصغد ، ثم خرج بهم وخرج يزدجرد راجعاً إلى خراسان حتى عبر إلى بلخ ، وعبر معه خاقان ، فأرز أهل الكوفة إلى مرو الروذ إلى الأحنف ، وخرج المشركون من بلخ حتى نزلوا على الأحنف بمروالروذ ، وكان الأحنف حين بلغه عبور خاقان والصغد نهر بلخ غازياً له ، خرج في عسكره ليلاً يتسمع هل يسمع برأي ينتفع به ، فمر برجلين ينقيان علفاً ، إما تبناً وإما شعيراً ، وأحدهما يقول لصاحبه لو أن الأمير أسندنا إلى هذا الجبل فكان النهر بيننا وبين عدونا خندقاً ، وكان الجبل في ظهورنا من أن نؤتى من خلفنا ، وكان قتالنا من وجه واحد رجوت أن ينصرنا الله . فرجع واجتزأ بها وكان في ليلة مظلمة ، فلما أصبح جمع الناس ثم قال : إنكم قليل وإن عدوكم كثير ، فلا يهولنكم ، فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله ، والله مع الصابرين . إرتحلوا من مكانكم هذا فأسندوا إلى هذا الجيل ، فاجعلوه في ظهوركم واجعلوا النهر بينكم وبين عدوكم ، وقاتلوهم من وجه واحد ، ففعلوا ، وقد أعدوا ما يصلحهم ، وهو في عشرة آلاف من أهل البصرة