ويحمد الله ويثنى عليه ويقول : قد علمتم ما أعزكم الله به من هذا الدين وما وعدكم من الظهور ، وقد أنجز لكم هوادى ( أوائل ) ما وعدكم وصدوره ، وإنما بقيت أعجازه وأكارعه ، والله منجز وعده ومتبع آخر ذلك أوله ، واذكروا ما مضى إذ كنتم أذلة وما استقبلتم من هذا الأمر وأنتم أعزة ، فأنتم اليوم عباد الله حقاً وأولياؤه ، وقد علمتم انقطاعكم من إخوانكم من أهل الكوفة ، والذي لهم في ظفركم وعزكم ، والذي عليهم في هزيمتكم ، وذلكم وقد ترون من أنتم بإزائه من عدوكم وما أخطرتم وما أخطروا لكم ، فأما ما أخطروا لكم فهذه الرئة وما ترون من هذا السواد ، وأما ما أخطرتم لهم فدينكم وبيضتكم ، ولا سواء ما أخطرتم وما أخطروا ، فلا يكونن على دنياهم أحمى منكم على دينكم ، واتقى الله عبد صدق الله وأبلى نفسه فأحسن البلاء ، فإنكم بين خيرين منتظرين إحدى الحسنيين من بين شهيد حي مرزوق أو فتح قريب ، وظفر يسير ، فكفى كل رجل ما يليه ، ولم يكل قرنه إلى أخيه ، فيجتمع عليه قرنه وقرن نفسه ، وذلك من الملامة ، وقد يقاتل الكلب عن صاحبه ، فكل رجل منكم مسلط على ما يليه . فإذا قضيت أمري فاستعدوا فإني مكبرٌ ثلاثاً ، فإذا كبرت التكبيرة الأولى فليتهيأ من لم يكن تهيأ ، فإذا كبرت الثانية فليشد عليه سلاحه وليتأهب للنهوض ، فإذا كبرت الثالثة فإني حامل إن شاء الله فاحملوا معاً . اللهم أعز دينك ، وانصر عبادك ، واجعل النعمان أول شهيد اليوم ، على إعزاز دينك ، ونصر عبادك . فلما فرغ النعمان من التقدم إلى أهل المواقف وقضى إليهم أمره رجع إلى موقفه ، فكبر الأولى والثانية والثالثة ، والناس سامعون مطيعون