الله الذي أظهره ، وجنده الذي أعده وأمده ، حتى بلغ ما بلغ ، وطلع حيث طلع . ونحن على موعود من الله ، والله منجز وعده وناصر جنده . ومكان القيم بالأمر مكان النظام من الخرز يجمعه ويضمه ، فإن انقطع النظام تفرق وذهب ، ثم لم يجتمع بحذافيره أبداً . والعرب اليوم وإن كانوا قليلاً ، فهم كثيرون بالإسلام وعزيزون بالاجتماع ، فكن قطباً ، واستدر الرحى بالعرب ، وأصلِهم دونك نار الحرب ، فإنك إن شخصت من هذه الأرض انتقضت عليك العرب من أطرافها وأقطارها ، حتى يكون ما تدع وراءك من العورات أهم إليك مما بين يديك ! إن الأعاجم إن ينظروا إليك غداً يقولوا هذا أصل العرب ، فإذا قطعتموه استرحتم ، فيكون ذلك أشد لكلبهم عليك وطمعهم فيك . فأما ما ذكرت من مسير القوم إلى قتال المسلمين ، فإن الله سبحانه هو أكره لمسيرهم منك ، وهو أقدر على تغيير ما يكره . وأما ما ذكرت من عددهم فإنا لم نكن نقاتل فيما مضى بالكثرة ، وإنما كنا نقاتل بالنصر والمعونة » . قال المفيد الإرشاد : 2 / 208 : « فانظروا أيدكم الله إلى هذا الموقف الذي ينبئ بفضل الرأي ، إذ تنازعه أولو الألباب والعلم ، وتأملوا التوفيق الذي قرن الله به أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في الأحوال كلها ، وفزع القوم إليه في المعضل من الأمور ، وأضيفوا ذلك إلى ما أثبتناه عنه من القضاء في الدين الذي أعجز متقدمي القوم ، حتى اضطروا في علمه إليه ، تجدوه من باب المعجز الذي قدمناه » .