ثم ذكر من أذن له في الدعاء إليه بعده وبعد رسوله ( صلى الله عليه وآله ) في كتابه فقال : وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ . ثم أخبر عن هذه الأمة وممن هي ، وأنها من ذرية إبراهيم ومن ذرية إسماعيل من سكان الحرم ، ممن لم يعبدوا غير الله قط ، الذين وجبت لهم الدعوة دعوة إبراهيم وإسماعيل ( عليهما السلام ) من أهل المسجد ، الذين أخبر عنهم في كتابه أنه أَذْهَبَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وطَهَّرَهُمْ تَطْهِيرَا . . . ثم أخبر تبارك وتعالى أنه لم يأمر بالقتال إلا أصحاب هذه الشروط ، فقال عز وجل : أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ . الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ . . وذلك أن جميع ما بين السماء والأرض لله عز وجل ولرسوله ( صلى الله عليه وآله ) ولأتباعهما من المؤمنين من أهل هذه الصفة . فما كان من الدنيا في أيدي المشركين والكفار والظلمة والفجار من أهل الخلاف لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) والمولي عن طاعتهما ، مما كان في أيديهم ظلموا فيه المؤمنين من أهل هذه الصفات وغلبوهم عليه ، مما أفاء الله على رسوله ( صلى الله عليه وآله ) فهو حقهم أفاء الله عليهم ورده إليهم ، وإنما معنى الفيئ كل ما صار إلى المشركين ثم رجع ، مما كان قد غُلب عليه أو فيه . فما رجع إلى مكانه من قول أو فعل ، فقد فاء . وإن لم يكن ( الداعي ) مستكملاً لشرائط الإيمان فهو ظالم ، ممن يبغي ويجب جهاده حتى يتوب ! وليس مثله مأذوناً له في الجهاد والدعاء إلى الله عز وجل ، لأنه ليس من المؤمنين المظلومين ، الذين أذن لهم في القرآن في القتال . . فليتق الله عز وجل