فقال : لا أفعل ، جبنتَ والله ! وكان الرسول فيما بين ذي الحاجب وأبى عبيد مردانشاه الخصي ، فأخبرهم أن أهل فارس قد عيروهم فازداد أبو عبيد مَحْكاً ورد على أصحابه الرأي وجَبَّنَ سليطاً ، فقال سليط : أنا والله أجرأ منك نفساً ، وقد أشرنا عليك الرأي فستعلم ! فقال أبو عبيد : بل نعبر إليكم . . وعهد أبو عبيد إلى الناس فقال : إن قتلت فعلى الناس جبر ( ابنه ) فإن قتل فعليكم فلان . . ثم قال إن قتل أبو القاسم فعليكم المثنى ، ثم نهد بالناس فعبروا وعبروا إليهم وعضلت الأرض بأهلها ، وألحم الناس الحرب ، فلما نظرت الخيول إلى الفيلة عليها النخل ، والخيل عليها التجافيف ، والفرسان عليهم الشعر ، رأت شيئاً منكراً لم تكن ترى مثله ، فجعل المسلمون إذا حملوا عليهم لم تقدم خيولهم ، وإذا حملوا على المسلمين بالفيلة والجلاجل فرقت بين كراديسهم ولا تقوم لها الخيل إلا على نفار ! وخزقهم الفرس بالنشاب ، وعض المسلمين الألم ، وجعلوا لا يصلون إليهم ، فترجل أبو عبيد وترجل الناس ثم مشوا إليهم فصافحوهم بالسيوف ، فجعلت الفيلة لا تحمل على جماعة إلا دفعتهم ، فنادى أبو عبيد : احتوشوا الفيلة وقطعوا بُطُنَها ( أحزمتها ) وأقلبوا عنها أهلها ، وواثب هو الفيل الأبيض فتعلق ببطانه فقطعه ووقع الذين عليه . وفعل القوم مثل ذلك فما تركوا فيلاً إلا حطوا رحله وقتلوا أصحابه . وأهوى الفيل لأبي عبيد فنفح مشفره بالسيف ، فاتقاه الفيل بيده ، وأبو عبيد يتجرثمه فأصابه بيده فوقع فخبطه الفيل وقام عليه ، فلما بصر الناس بأبي عبيد تحت الفيل خشعت أنفس بعضهم ( ارتعبوا ) وأخذ اللواء الذي كان أمره بعده ، فقاتل الفيل حتى تنحى عن أبي عبيد ، فاجتره إلى