وقال الطبري : 2 / 573 : « أقام خالد في عمله سنة ومنزله الحيرة ، يُصَعِّد ويُصَوِّب قبل خروجه إلى الشام ، وأهل فارس يخلعون ويُمَلِّكُون ، ليس إلا الدفع عن بهرسير ( العاصمة ) وذلك أن شيرى بن كسرى قتل كل من كان يناسبه إلى كسرى بن قباذ ، ووثب أهل فارس بعده وبعد أردشير ابنه فقتلوا كل من بين كسرى بن قباذ وبين بهرام جوار ، فبقوا لا يقدرون على من يملكونه ممن يجتمعون عليه » . أقول : هذا نصٌّ في انشغال الفرس بصراعهم الداخلي ، مدة وجود خالد في العراق ، وهو يردُّ ما اخترعوه من وقعات وحروب خاضها خالد ، وما كذبوه عن تحشيد الفرس لألوف مؤلفة لمواجهة خالد ، حتى أنه قتل منهم في أمغيشيا سبعين ألفاً ! فلم يكن في العراق شرقي دجلة إلا بقايا حاميات فارسية ، إلى أن أرسل الفرس جيشاً بعد ذهاب خالد مباشرة فكانت معركة بابل ، ثم جيشاً آخر فكانت معركة الجسر . وبعدها بأكثر من سنة معركة القادسية ، وبعدها بسنتين كان فتح المدائن ! ولم يقم خالد إلا بغارات ، وكان أكثرها على عاتق المثنى وقواته . وتلخص عمل خالد بعقد الصلح مع الدساكر المفتوحة على مبالغ ، فأبرم صلحاً مع القُرَيَّات ، وهي سكاكة وما حولها ، وهي اليوم في السعودية ، وكانت قديماً من العراق . ثم دخل إلى الحيرة ، ووقع مع حاكمها صلحاً وقبض المال . . وهكذا . قال الطبري : 2 / 551 : « ثم كانت سنة اثنتي عشرة . . فمضى خالد يريد العراق حتى نزل بقريات من السواد يقال لها بانقيا وباروسما وألِّيس فصالحه أهلها . وكان الذي صالحه عليها ابن صلوبا ، وذلك في سنة اثنتي عشرة ، فقبل منهم خالد الجزية ، وكتب لهم كتاباً فيه : بسم الله الرحمن الرحيم من خالد بن الوليد لابن صلوبا السوادي ، ومنزله بشاطئ الفرات ، إنك آمن بأمان الله إذ حقن دمه