والثالث : أن كسرى وقادته يعرفون أن حرب القبائل العربية يحتاج إلى إعداد واستعداد خاص بسبب الصحراء ، فالعرب يعرفون أماكن الماء فيها ، ويُحسنون التكيف معها ، بينما يجهل الفرس أماكن الماء ، ويصعب عليهم تحمل العطش أو حمل كميات كبيرة منه . لهذا كان العرب يغيرون على أطراف دولة الفرس فإذا جاءتهم قوة فارسية دخلوا في الصحراء ، فلا يستطيع الفرس أن يتبعوهم . لهذه الأسباب سكت كسرى بعد هزيمته في ذي قار ، وبرز بنو شيبان قوة مهابة في العراق ، وأخذوا يسيطرون على مساحات زراعية جديدة . قال البلاذري في الفتوح ( 2 / 365 ) : « كانت عيون الطف ، مثل عين الصيد ، والقطقطانة ، والرهيمة ، وعين جمل ، وذواتها ، للموكلين بالمسالح التي وراء السواد : وهي عيون خندق سابور ، الذي حفره بينه وبين العرب الموكلين بمسالح الخندق ، وغيرهم . وذلك أن سابور أقطعهم أرضها فاعتملوها من غير أن يلزمهم لها خراجاً . فلما كان يوم ذي قار ونصر الله العرب بنبيه ( صلى الله عليه وآله ) غلبت العرب على طائفة من تلك العيون ، وبقى في أيدي الأعاجم بعضها » . وهذا نصٌّ على تأثير معركة ذي قار على حركة فتح العراق ، على يد بني شيبان وبني عجل ، وحلفائهم من قبائل العرب . * *