وجوابه : أن هذه اللوازم واضحة جلية ، يلتفت إليها الفقهاء المتكلمون وغير المتكلمين سواء . وكلها تتعلق بما يفهم منه التنازل عن حقه ( عليه السلام ) أو الاعتراف بإمرة غيره . لكن الرأي يختلف في تفسير إذنه ومشاركته ( عليه السلام ) في الفتوح ، هل توجب نوعاً من التنازل أو لا توجبه . ( 5 ) نصوص مؤيدة لهذا الرأي ويمكن تأييد هذا الرأي بمؤيدات عديدة ، نوجزها بما يلي : فمنها : أن علياً ( عليه السلام ) شكى ظلامته من قريش لنسبتها الفتوح إلى غيره ، وإخفاء عمله وجهوده ، ففي شرح النهج ( 20 / 298 ) : « اللهم إني أستعديك على قريش ، فإنهم أضمروا لرسولك ( صلى الله عليه وآله ) ضروباً من الشر والغدر فعجزوا عنها ، وحِلْتُ بينهم وبينها ، فكانت الوجبة بي والدائرة عليَّ ! اللهم احفظ حسناً وحسيناً ، ولا تمكن فجرة قريش منهما ما دمت حياً ، فإذا توفيتني فأنت الرقيب عليهم ، وأنت على كل شئ شهيد . وقال له قائل : يا أمير المؤمنين ، أرأيت لو كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ترك ولداً ذكراً قد بلغ الحلم وآنس منه الرشد ، أكانت العرب تسلم إليه أمرها ؟ قال : لا ، بل كانت تقتله إن لم يفعل ما فعلتُ ! ولولا أن قريشاً جعلت اسمه ذريعة إلى الرياسة ، وسلَّماً إلى العز والأمرة لما عبدت الله بعد موته يوماً واحداً ، ولارتدت في حافرتها ، وعاد قارحها جذعاً ، وبازلها بكراً . ثم فتح الله عليها الفتوح فأثْرت بعد الفاقة ، وتمولت بعد الجَهد والمخمصة ، فحسن في عيونها من الإسلام ما كان سمجاً ، وثبت في قلوب كثير منها من الدين ما كان مضطرباً ، وقالت : لولا أنه حق لما كان كذا !