أمر عمر المسلمين بالإنسحاب من العراق ! بعد معركة البويب ، رتب الفرس وضعهم الداخلي وملَّكوا يزدجرد عليهم ، وسارعوا في العمل لرد اعتبارهم من هزيمة البويب ، فحشدوا جيشهم لحرب المسلمين ، وحركوا المزارعين من أهل السواد من الفرس والعرب والبابليين ، لينقضوا عهودهم مع المسلمين ، فاستجابوا لهم ، وبعضهم فعل ذلك غضباً من اعتداءات خالد بن الوليد عليهم بالتقتيل والأسر والسبي ! فأرسل عمر إلى المثنى أن لا يقاوم الفرس ، وأن يسحب المسلمين كلهم إلى أطراف العراق ! وأرسل عمر سعد بن أبي وقاص والياً على العراق ، وأمره أن لا يدخل إلى العراق فخيَّم في منطقة زرود ، وهي على حدود العراق من جهة الحجاز ، وتبعد عن حائل نحو 170 كيلو متراً ، وبقي فها سعد نحو ستة أشهر ، وأرسل إلى المثنى يؤكد عليه أمر عمر ، ويأمره أن يأتيه بجيشه إلى زرود ! قال ابن خليفة : 87 : « وتنازع جرير والمثنى بن حارثة الإمارة ، فبعث عمر سعد بن مالك وكتب إليهما أن اسمعا له وأطيعا » . ومعنى طاعتهما لسعد : أن ينسحبا من العراق ويأتيا بقواتهما إلى زرود ! وقد استاء المثنى والمسلمون من قرار عمر بالإنسحاب ، وانتقد عدم دخول سعد إلى العراق ، وطلبه منه أن يأتيه إلى زرود ، وجرت بينهما مراسلات شبيهة بمراسلاته مع جرير ! وفي هذا الجو مات المثنى فجأة ! وقالوا إنه كان مجروحاً في معركة الجسر ، وإن بعض حلقات الدرع دخلت في بدنه ، فانتقضت عليه جراحه بعد شهور .