وجاء وفدهم إلى المدينة يطلب القبول بشروط « نبيهم » طليحة وإلا فالحرب ، ومكثوا فيها أياماً ، فرفض أبو بكر شروطهم ، فرجعوا إلى ذي القَصة ، وأخبروا قائدهم حِبَال بضعف القوة المدافعة عن المدينة ، لقعود علي ( عليه السلام ) ، وغياب جيش أسامة ، وشجعوه على الغارة عليها . ولا بد أن قائدهم حِبال كان يتساءل عن موقف عليٍّ ( عليه السلام ) لأن أهم شئ عنده أن يبقى معتزلاً ، فأخبروه أن موقفه كان رفض مطالبهم وأنه هو الذي دفع أبا بكر لمقاومتهم ، بينما كان موقف عمر وآخرين ليناً . فكان حِبال بين شك ويقين من مواجهة علي ( عليه السلام ) ، فتحرك بفرسانه بسرعة بعد ظهر اليوم الثاني لرجوع الوفد ، ووصل إلى ذي حُسَى وهو مكان فيه أودية صغيرة ، يضطر الخارج من المدينة إلى سلوكها ، فوضع حِبال كميناً في الجبل ، قد أعدُّوا القرب لينفخوها ويدحرجوها ، فينفرون بها خيل العدو وإبله ، فيمنعون المسلمين من مطاردة جيش حِبال إذا هرب ! وفي المقابل عرف علي ( عليه السلام ) من أين سيأتون فكمن لهم مع فرسان انتخبهم في مكان مناسب كما كمن لأبطال بني قريظة ، وتلقاهم فارس خيبر ، ولم يمهلهم حتى جندل قائدهم ومن حوله فعلا صراخهم والركيض ! إنه يكفي للباحث أن يعرف أن علياً كان موجوداً حتى يقدر ما حدث ! ويكفيه أن يقول علي ( عليه السلام ) : « فنهضت في تلك الأحداث » ويقول : « ولولا أني فعلت ذلك لباد الإسلام » ، ليقدر ماذا فعل علي ( عليه السلام ) !