ثم إن المسلمين تداعوا فقال ثابت بن قيس : بئسما عودتم أنفسكم يا معشر المسلمين ! اللهم إني أبرأ إليك مما يعبد هؤلاء ، يعنى أهل اليمامة ، وأبرأ إليك مما يصنع هؤلاء يعنى المسلمين ! ثم جالد بسيفه حتى قتل . وقال زيد بن الحطاب حين انكشف الناس عن رحالهم : لا تحوُّزَ بعد الرِّحال ، ثم قاتل حتى قتل . ثم قام البراء بن مالك أخو أنس بن مالك ، وكان إذا حضر الحرب أخذته العروراء حتى يقعد عليه الرجال ، ثم ينتفض تحتهم ، حتى يبول في سراويله ، فإذا بال يثور كما يثور الأسد ، فلما رأى ما صنع الناس أخذه الذي كان يأخذه حتى قعد عليه الرجال ، فلما بال وثب فقال : أين يا معشر المسلمين ، أنا البراء بن مالك ! هلمَّ إليَّ ! وفاءت فئة من الناس فقاتلوا القوم ، حتى قتلهم الله ، وخلصوا إلى مُحكَّم اليمامة وهو محكم بن الطفيل ، فقال حين بلغه القتال : يا معشر بنى حنيفة ، الآن والله تستحقب الكرائم غير رضيات ، وينكحن غير حظيات ، فما عندكم من حسب . فأخرجوه فقاتل قتالاً شديداً . ورماه عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق بسهم فوضعه في نحره ، فقتله . ثم زحف المسلمون حتى ألجأوهم إلى الحديقة حديقة الموت ، وفيها عدو الله مسيلمة الكذاب فقال البراء : يا معشر المسلمين ألقونى عليهم في الحديقة ، فقال الناس : لا نفعل يا براء ، فقال والله لتطرحني عليهم فيها ! فاحتُمل حتى إذا أشرف على الحديقة من الجدار اقتحم فقاتلهم عن باب الحديقة حتى فتحها للمسلمين ، ودخل المسلمون عليهم فيها ، فاقتتلوا