منكبيه وفؤاده ، فشطب في غير مقتل ، فأخرج السهم ووهن له شقه الأيسر لما كان فيه ، وهذا أول النهار ، وجُرَّ إلى الرحل . فلما حمي القتال ( في اليوم الثاني ) وانهزم المسلمون وجازوا رحالهم ! وأبو عقيل واهن من جرحه ، سمع معن بن عدي يصيح بالأنصار : اللهَ اللهَ والكرةَ على عدوكم ! أعنق معن ( نهض ورفع عنقه ) يقدم القوم وذلك حين صاحت الأنصار : أخلِصونا أخلِصونا ، فأخلصوا رجلاً رجلاً يميزون . ( أي يتجمعون وحدهم ) قال عبد الله بن عمر : فنهض أبو عقيل فقلت : ما تريد يا أبا عقيل ما فيك قتال . قال : قد نَوَّهَ المنادي باسمي . قال ابن عمر : فقلت إنما يقول يا للأنصار لا يعني الجرحى . قال أبو عقيل : أنا رجل من الأنصار وأنا أجيبه ولو حبواً ! قال ابن عمر : فتحزم أبو عقيل وأخذ السيف بيده اليمنى مجرداً ثم جعل ينادي يا للأنصار كرة كيوم حنين . فاجتمعوا رحمهم الله جميعاً يقدمون المسلمين دُرْبَةً ( أهل خبرة ) دون عدوهم ، حتى أقحموا عدوهم الحديقة فاختلطوا ، واختلفت السيوف بيننا وبينهم . قال ابن عمر : فنظرت إلى أبي عقيل وقد قطعت يده المجروحة من المنكب فوقعت على الأرض ، وبه من الجراح أربعة عشر جرحاً ، كلها قد خلصت إلى مقتل ، وقُتل عدو الله مسيلمة . قال ابن عمر : فوقعت على أبي عقيل وهو صريع بآخر رمق ، فقلت : أبا عقيل ؟ فقال : لبيك بلسان ملتاث ، لمن الدبرة ؟ قال قلت : أبشر ورفعت صوتي : قد قتل عدو الله ، فرفع إصبعه إلى السماء يحمد الله ومات يرحمه الله » .