نام کتاب : فتوح الشام نویسنده : الواقدي جلد : 1 صفحه : 304
أنتم قائلون قالوا أيها الملك وكيف تطيب نفسك بترك دينك وملكك وعزك وتتبع هؤلاء وهم لا فضل لهم ولا عندهم حكمة فقال فلنطانوس أما الحكمة البالغة فعندهم مقرها وفي نفوسهم موطنها لان نور توحيدهم صفى أذهانهم ونور ايمانهم ببركة صاحبهم المسمى في علوم الغيوب لان مغناطيس حكمته الربانية جذب جوهر عقولهم إلى متابعته والاقتداء بشريعته ومن أراد أن يلقى عالم عليين فلا يقعد على صفحة أرض الجهل أما علمتم أن النور أنور من الظلمة والموت نهار الحياة قال فلما سمعوا قوله قالوا أيها الملك نحن ما نمنعك من عز دائم يخرجنا من الذل ومهابة الغلبة فإذا كنت تطلب بنا طريقا يؤدي إلى البقاء ويذهب بالشقاء فالحق اتباع الحق ونفي الباطل فنحن لك وبين يديك قال فخذوا على أنفسكم فإذا كانت ليلة غد ركبنا كأنا نطوف حول البيت نحرسه ونطلب جيش العرب قال ففعلوا ذلك وأخذ فلنطانوس في أمره قال ابن وهب وابن صالح عن أبي موسى الأشعري قال لما عزم أن يسير إلى جيش المسلمين أتى اليه يوقنا برسالة الملك هرقل فلما أدى الرسالة وهم بالقيام قال له فلنطانوس من أنت من الحجاب قال أنا يوقنا صاحب حلب قال وكيف تركت بلدك قال استولت عليها العرب وحدثه بحديثه فقال فلنطانوس وما الذي ظهر لك من هؤلاء العرب قال أيها الملك اني دخلت في دينهم واطلعت على أمرهم وكشف سرهم فرأيت القوم لا يستمعون إلى الباطل ولا يحيدون عن الحق ولا ينامون الليل من كثرة اجتهادهم ولا يتكلمون بغير ذكر ربهم ينصفون المظلوم من الظالم ويواسي غنيهم فقيرهم الامراء منهم في زي المساكين والعزيز والذليل عندهم سواء فقال له فلنطانوس فإذا وقفت على سرهم ورأيت فضلهم فما منعك أن تقيم عندهم وبينهم فقال يوقنا منعني من ذلك صحة ديني وصحبة قومي لأني لم أر فراقهم قال فلنطانوس ان النفوس الزكية الباقية إذا رأت الحق جذبها جاذب اليقين إلى حضرة طلب الاخلاص من المعيشة الذميمة إلى أن ترقى إلى أعلى عليين قال فخرج يوقنا وقد رسخ كلام فلنطانوس في قلبه فقال والله ما تكلم بشيء الا وهو منقوش على صفحة صدري وكلامه يشهد بقبول عقله لصحة دين الاسلام وأقام يوقنا على قلق من ذلك حتى اقبل الليل فأتى إلى فلنطانوس فرآه وهو على نية الركوب إلى ما ذكرناه فلما وقف بين يديه صقع له فقال له فلنطانوس باي حجاب حجب الله الظالمين عن اتباع سبيل المتقين فالحق واضح لمن طلبه والباطل خفي عمن اتبعه فقال يوقنا أيها الملك ما معنى هذا الكلام الذي أشرت اليه فقال لو أنك رايت بعين البصيرة لما رجعت عن ملتهم ولا أردت بدلا غيرهم وانما أنت طلبت نعيما يؤول إلى الزوال إلى النكال قال فسكت يوقنا وخرج من عنده وجعل يتجسس عليه ومضى ووقف على الطريق الذي يمضي إلى المسلمين فركب فلنطانوس وخرج من سرادقة فوجد بني عمه قد أخذوا أهبتهم وهم أربعة آلاف فارس وقدموا عزمهم وساروا يدا
304
نام کتاب : فتوح الشام نویسنده : الواقدي جلد : 1 صفحه : 304