نام کتاب : فتوح الشام نویسنده : الواقدي جلد : 1 صفحه : 272
وعجائبه وعالجوا جراحته حتى برأت قال وأعطاه أبو عبيدة سهمين ثم إن أبا عبيدة طلب أمراء المسلمين وأكابرهم وشاورهم في أمره وقال إن الله وله الحمد قد فتح هذه القلعة على أيدي المسلمين وما بقي لنا موضع نخافه فهل نقصد أنطاكية وهي دار الملك وكرسي عزهم وفيها بقية ملوكهم مع هرقل فما ترون من الرأي قال فعندها قام البطريق يوقنا وتكلم بلسان عربي فصيح وقال أيها الأمير ان الله تبارك وتعالى قد ايدكم واظفركم بعوكم ونصركم وما ذاك الا أن دينكم هو الدين القويم والصراط المستقيم ونبيكم هو المشهور في الإنجيل وهو لا محالة الذي بشر به المسيح ولا شك فيه ولا مراء وهو الفاروق الذي يفرق بين الحق والباطل وهو النبي الكريم اليتيم الذي يموت أبوه وأمه ويكفله جده وعمه فهل كان ذلك أم لا أيها الأمير فقال أبو عبيدة نعم هو نبينا صلى الله عليه وسلم واني يا يوقنا قد حرت في أمرك وأنت بالأمس تقاتلنا ومرادك ان تكسر عسكرنا وتقطع الطريق على علوفتنا واليوم تقول مثل هذا القول وقد بلغني انك لا تفهم بالعربية شيئا فمن اين لك حفظها فقال لا إله إلا الله ومحمد رسول الله وانك تعجب أيها الأمير من هذا الامر قال نعم قال له اعلم أيها الأمير أني كنت البارحة مفكرا في أمركم وقد وصلتم إلى قلعتنا ونصرتم علينا وانه لم يكن عندنا أمة أضعف منكم وتوسوست في ذلك فلما نمت رأيت شخصا ابهى من القمر وأطيب رائحة من المسك الأذفر ومعه جماعة فسألت عنه فقيل لي هذا محمد رسول الله فكأني أقول أن كان نبيا حقا فليسأل ربه أن يعلمني العربية وكان يشير إلي وهو يقول يا يوقنا أنا محمد الذي بشر بي المسيح وانا لا نبي بعدي وان أردت فقل لا إله إلا الله وأبي محمد رسول الله فأخذت يده فقبلتها وأسلمت على يديه واستيقظت وفمي من تلك الليلة كالمسك الأذفر وأنا أتكلم بالعربية ثم أني قمت إلى منزل أخي يوحنا وفتحت خزانة كتب فوجدت في بعض الكتب صفة محمد صلى الله عليه وسلم وما يكون من أمره ووجدت كل الصفات صحيحة وان أبغض الخلق اليه اليهود أكان ذلك أيها الأمير أم لا فقال أبو عبيدة نعم كانت اليهود تطلبنا أشد الطلب حتى نصرنا الله عليهم وأخذنا حصونهم وقتلنا أبطالهم قال يوقنا وجدت هذا في سيرته وجملة أخباره وأن الله تعالى كان يوصيه بأصحابه وبالمسلمين وبالايتام والمساكين أكان ذلك أم لا قال أبو عبيدة نعم أما وصيته من الله على أصحابه فقد قال الله تعالى واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين وقال في حق اليتيم والمسكين فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر فقال يوقنا كيف قال ووجدك ضالا فهدى فما معنى وصفه بالضلال وهو عند الله كريم فقال له معاذ بن جبل رضي الله عنه وجدناك ضالا في تيه صحبتنا فهديناك إلى مشاهدتنا وأيضا سهل لك الوصول إلى سبل المكاشفة ووفقك للوقوف في مقام المشاهدة ووجدك ضالا في بحار الطلب على مركب العطب فهداك إلى سواحل الحق وقربك إلى ظل حقائق الصدق لتكون بقلبك مائلا عن الاغيار أو تهيم في قيعان
272
نام کتاب : فتوح الشام نویسنده : الواقدي جلد : 1 صفحه : 272