أمر البطائح 741 - حدثني جماعة من أهل العلم أن الفرس كانت تتحدث بزوال ملكها وتروى في آية ذلك زلازل وطوفانا تحدث . وكانت دجلة تصب إلى دجلة البصرة التي تدعى العوراء في أنهار متشعبة من عمود مجراها الذي كان باقي مائها يجرى فيه ، وهو كبعض تلك الأنهار . فلما كان زمان قباذ بن فيروز انبثق في أسافل كسكر بثق عظيم ، فأغفل حتى غلب ماؤه وغرق كثيرا من أرضين عامرة . وكان قباذ واهنا قليل التفقد لامره . فلما ولى أنوشروان ابنه أمر بذلك الماء فردم بالمسنيات حتى عاد بعض تلك الأرضين إلى عماره . ثم لما كانت السنة التي بعث فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى أبرويز وهي سنة سبع من الهجرة ، ويقال سنة ست ، زاد الفرات ودجلة زيادة عظيمة لم ير مثلها قبلها ولا بعدها . وانبثقت بثوق عظام ، فجهد أبرويز أن يسكرها فغلبه الماء ، ومال إلى موضع البطائح فطفا على العمارات والزروع فغرق عدة طساسيج كانت هناك . وركب كسرى بنفسه لسد تلك البثوق ، ونثر الأموال على الأنطاع وقتل الفعلة بالكفاية ، وصلب على بعض البثوق فيما يقال أربعين جسارا في يوم فلم يقدر للماء على حيلة . ثم دخلت العرب أرض العراق وشغلت ( ص 292 ) الأعاجم بالحروب . فكانت البثوق تتفجر فلا يلتفت إليها ويعجز الدهاقين عن سد عظمها . فاتسعت البطيحة وعرضت . فلما ولى معاوية بن أبي سفيان ولى عبد الله بن دراج مولاه خراج العراق ، واستخرج له من الأرضين بالبطائح ما بلغت غلته خمسة آلاف ألف . وذلك أنه قطع القصب وغلب الماء بالمسنيات .