فقد رجعنا إليها لنرى نص الجهشياري الذي ذكره ياقوت فوجدنا خلطا عجيبا . قال : " وكان يكتب للخصيب أبو عبد الحميد بن داود البلاذري المؤلف لكتاب البلدان . وغيره من الكتب " [1] . وهذه العبارة تخالف في تركيبها ما ذكره ياقوت ، وتخالف الواقع أيضا . فمؤلف كتاب البلدان ليس " أبا عبد الحميد بن داود البلاذري " . ويذكر الذهبي في سير النبلاء [2] أن شربه البلاذر كان للحفظ . وهذا ما يؤكد الشك في الرواية . فماذا يريد أن يحفظ من بلغ الثمانين أو تجاوزها ، وألحت عليه الحاجة ، ولجأ إلى الناس ؟ وإنما يبغي الحفظ من كان ناشئا في بداءة الشباب ، يطلب العلم ويجمعه . ويذكر صاحب الفهرست أنه " شد " في المارستان ، وعبارة الذهبي " ربط " . والعادة أن يربط أو يشد من يخشى قوته وبطشه من المجانين . فهل عند من جاوز الثمانين مثل ذلك ؟ وكيف كان سبب موته ، ورغم شكوكنا هذه ، فإننا ما نزال نحتاج إلى نصوص جديدة صحيحة لكتاب الجهشياري وغيره ، لتبين لنا كيف مات ، وتبين لنا هل كان " البلاذري " لقبا له أم لجده .
[1] الجهشياري ، كتاب الوزراء والكتاب ، ( طبعة السقا والأبياري وشلى ) ص 256 . [2] الذهبي ، سير النبلاء ( مخطوط ) ورقة 71 ، المجلد التاسع .