وفي الدعاء : دخل محمد بن عبد الملك [1] بن صالح على المأمون حين قبضت ضياعه فقال : السلام عليك أمير المؤمنين . محمد بن عبد الملك سليل نعمتك وابن دولتك وغصن من أغصان دوحتك ، أ تأذن له في الكلام ؟ قال : نعم . فتكلَّم بعد حمد اللَّه والثناء عليه . فقال : « نستمتع اللَّه لحياطة ديننا ودنيانا ورعاية أدنانا وأقصانا ببقائك يا أمير المؤمنين ونسأله أن يزيد في عمرك من أعمارنا وفي أثرك من آثارنا ويقيك الأذى بأسماعنا وأبصارنا . هذا مقام العائذ بظلَّك الهارب إلى كنفك وفضلك الفقير إلى رحمتك وعدلك » ثم تكلَّم في حاجته . وفي شكر السلطان وفي حمده : قدم رجل على سليمان بن عبد الملك في خلافته فقال له : ما أقدمك عليّ ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، ما أقدمني عليك رغبة ولا رهبة . قال : وكيف ذاك ؟ قال : أما الرغبة فقد وصلت إلينا وفاضت في رحالنا وتناولها الأقصى والأدنى منّا ، وأما الرّهبة فقد أمنّا بعدلك ، يا أمير المؤمنين ، علينا وحسن سيرتك فينا من الظلم ، فنحن وفد الشكر . وفي حمده : كتب بعض الكتّاب إلى وزير : « كلّ مدى يبلغه القائل بفضلك والواصف لأيامك والشاكر للنعمة الشاملة بك قصد أمم [2] عند الفضائل الموفورة لك والمواهب المقسومة للرعية بك ، فواجب على من عرف قدر النعمة بك أن يشكرها وعلى من أظله عزّ أيامك أن يستديمه وعلى من حاطته دولتك أن يدعو اللَّه ببقائها ونمائها ، فقد جمع اللَّه بك الشّتات وأصلح بها الفساد وقبض الأيدي الجائرة وعطف القلوب النافرة ، فأمّنت سرب البريء وخفضت جأشه وأخفت سبل الجاني وأخذت عليه مذاهبه ومطالعه ووقفت