نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 80
فلا تعظيم بها . فقال الكاتب : إن الحال اقتضت رفعه من حيث إنه في هذا الموضع فاعل فزاد إنكاره عليه وقال : متى رأيت الأمير فاعلا في هذا الموضع يحمل وينقل الحجارة على رأسه حتّى تنسبه إلى هذا ؟ واللَّه لولا سالف خدمتك لفعلت بك ! . قال ابن حاجب النعمان [1] : ولمّا كان أرباب الأمور وولاتها من الخلفاء فمن دونهم ينقدون ما يكتب به الكتّاب عنهم وما يرد عليهم من الكتب ، ويناقشون على ما يقع فيها من خطأ أو يدخلها من خلل ، ويقدّمون الفاضل ويرفعون درجته ، ويؤخرون الجاهل ويحطون رتبته ، كان الكتّاب حينئذ يتبارون على إقتناء الفضيلة ، ويترفّعون عن أن يعلق بهم من الجهل أدنى رذيلة ، ويجهدون في معرفة ما يحسّن ألفاظهم ، ويزين مكاتباتهم ، لينالوا بذلك أرفع رتبة ، ويفوزوا بأعظم منزلة . ولما انعكست القضية في تقديم من غلط بهم الزمان ، وغفل عنهم الحدثان ، واستولت عليهم شرة [2] الجهل ، ونفرت منهم أوانس الرياسة والفضل وصار العالم لديهم حشفا [3] ، والأديب محارفا ، والمعرفة منكرة ، والفضيلة منقصة ، والصمت لكنه ، والفصاحة هجنه ، اجتنبت الآداب اجتناب المحارم ، وهجرت العلوم هجر كبائر المآثم . ولو أنصف أحد هؤلاء الجهّال ، لكان بالحشف أولى ، وبالحرفة والمنقصة أجدر وأحرى ، لكنه جهل الواجبات وأضاعها [4] ، وسفه حقّ المروءة وأفسد أوضاعها ويوصف بالحيّ الناطق ، والصامت أرجى منه عند أهل النظر وذوي الحقائق .
[1] هو عبد العزيز بن إبراهيم . أديب بغدادي . قال الخطيب في ترجمته : كان أحد الكتاب الحذاق بصناعة الكتابة وأمور الدواوين . ( الأعلام 4 / 12 ) . [2] الشرّة ، بالكسر : النشاط والرغبة . ( اللسان 4 / 401 ) . [3] الحشف : أردأ التمر والضعيف اليابس الفاسد . ( البستان 1 / 519 ) . [4] في الأصل : وأوضاعها ، بواو زائدة . وهي من زيادة الناسخ كما هو واضح . ( الطبعة الأميرية ) .
80
نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 80