نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 298
دينكم ، وكأني بكم غدا قد لقيتم أهل الشأم كحمر مستنفرة ، فرّت من قسورة [1] . لا تدري أين يسلك بها من فجاج الأرض ، باعوا الآخرة بالدنيا ، واشتروا الضلالة بالهدى ، وباعوا البصيرة بالعمى وعمّا قليل ليصبحنّ نادمين ، حين تحلّ بهم الندامة فيطلبون الإقالة ! إنه واللَّه من ضلّ عن الحق وقع في الباطل ، ومن لم يسكن الجنة نزل في النار . أيها الناس إن الأكياس استقصروا عمر الدنيا فرفضوها واستبطأوا مدّة الآخرة فسعوا لها . واللَّه أيها الناس لو لا أن تبطَّل الحقوق ، وتعطَّل الحدود ، ويظهر الظالمون ، وتقوى كلمة الشيطان ، لما اخترنا ورود المنايا على خفض العيش وطيبه ؛ فإلى أين تريدون رحمكم اللَّه عن ابن عمّ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم وزوج ابنته وأبي ابنيه ؟ خلق من طينته ، وتفرّع عن نبعته ، وخصّه بسرّه ، وجعله باب مدينته ، وأعلم بحبه المسلمين ، وأبان ببغضه المنافقين . فلم يزل كذلك يؤيده اللَّه بمعونته ويمضي على سنن استقامته ؛ لا يعرّج لراحة اللذّات ؛ وهو مفلَّق الهام ، ومكسّر الأصنام إذ صلَّى والناس مشركون ، وأطاع والناس مرتابون . فلم يزل كذلك حتّى قتل مبارزي بدر ، وأفنى أهل أحد ، وفرّق جمع هوازن ؛ فيالها وقائع ! زرعت في قلوب قوم نفاقا ، وردّة وشقاقا ، وقد اجتهدت في القول ، وبالغت في النصحية وباللَّه التوفيق والسلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته . فقال معاوية : واللَّه يا أم الخير ما أردت بهذا إلا قتلي ! واللَّه لو قتلتك ما حرجت في ذلك . قالت : واللَّه ما يسوءني يا بن هند أن يجري اللَّه ذلك على يدي من يسعدني اللَّه بشقائه - قال هيهات يا كثيرة الفضول ، ما تقولين في عثمان بن عفان ؟ - قالت وما عسيت أن أقول فيه : استخلفه الناس وهم كارهون ، وقتلوه وهم راضون - فقال إيها يا أم الخير هذا واللَّه أصلك الذي تبنين عليه - قالت
[1] القسورة أي العزيز يقتسر غيره ، أي يقهره ( اللسان 5 / 92 ) .
298
نام کتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا نویسنده : أحمد بن علي القلقشندي جلد : 1 صفحه : 298