نام کتاب : رحلة ابن جبير نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 257
ومن أعظم ما شاهدناه لهم موضع يعرف بالقصر وهو صرح عظيم مستقل في الهواء في أعلاه مساكن لم ير أجمل إشرافا منها وهو من البلد بنصف الميل له بستان عظيم يتصل به وكان منتزها لأحد ملوك الأتراك فيقال انه كان فيه احدى الليالي على راحة فاجتاز به قوم من الصوفية فهريق عليهم من النبيذ الذي كانوا يشربونه في ذلك القصر فرفعوا الامر لنور الدين فلم يزل حتى استوهبه من صاحبه ووقفه برسم الصوفية مؤبدا لهم فطال العجب من السماحة بمثله وبقي اثر الفضل فيه مخلدا لنور الدين رحمه الله ومناقب هذا الرجل الصالح كبيرة وكان من الملوك الزهاد وتوفي في شوال سنة تسع وستين وخمسمائة واستولى بعده على الامر صلاح الدين وهو على طريقة من الفضل شهيرة وشأنه في الملوك كبير وله الأثر الباقي شرفه من إزالة المكوس بطريق الحجاز ودفعه عوضا عنها لصاحب الحجاز وكانت الأيام قد استمرت قديما بهذه الضريبة اللعينة إلى أن محا الله رسمها على يدي هذا الملك العادل أصلحه الله ومن مناقب نور الدين رحمه الله تعالى انه كان عين للمغاربة الغرباء الملتزمين زاوية المالكية بالمسجد الجامع المبارك أوقافا كثيرة منها طاحونتان وسبعة بساتين وأرض بيضاء وحمام ودكانان بالعطارين وأخبرني أحد المغاربة الذين كانوا ينظرون فيه وهو أبو الحسن علي بن سردال الجياني المعروف بالأسود ان هذا الوقف المغربي يغل إذا كان النظر فيه جيدا خمسمائة دينار في العام وكان له رحمه الله بجانبهم فضل كبير نفعه الله بما أسلف من الخير وهيأ ديارا موقوفة لقراء كتاب الله عز وجل يسكنونها
257
نام کتاب : رحلة ابن جبير نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 257