نام کتاب : رحلة ابن جبير نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 220
في وسط الصحراء فعدم رونق الحضارة وتعرت أعطافه من ملابس النضارة استغفر الله كفى بهذا البلد شرفا وفضلا انها البلدة العتيقة المنسوبة لأبينا إبراهيم صلى الله عليه وسلم وله بقبليها نحو ثلاثة فراسخ مشهد مبارك فيه عين جارية كأن مأوى له ولسارة صلوات الله عليهما ومتعبدا لهما ببركة هذه النسبة قد جعل الله هذه البلدة مقرا للصالحين المتزهدين ومثابة للسائحين المتبتلين لقينا من افرادهم الشيخ أبا البركات حيان ابن عبد العزيز حذاء مسجده المنسوب اليه وهو يسكن منه في زاوية بناها في قبلته وتتصل بها في آخر الجانب زاوية لابنه عمر قد التزمها وأشبه طريقة أبيه فما ظلم وتعرفت منه شنشنة أعرفها من أخزم فوصلنا إلى الشيخ وهو قدن نيف على الثمانين فصافحنا ودعا لنا وأمرنا بلقاء ابنه عمر المذكور فملنا اليه ولقيناه ودعا لنا ثم ودعناهما وانصرفنا مسرورين بلقاء رجلين من رجال الآخرة ولقينا أيضا بمسجد عتيق الشيخ الزاهد سلمة فلقينا رجلا من الزهاد الافراد فدعا لنا وسألنا وودعناه وانصرفنا وبالبلد سلمة آخر يعرف بالمكشوف الرأس لا يغطى رأسه تواضعا لله عز وجل حتى عرف بذلك ووصلنا إلى منزله فأعلمنا انه خرج للبرية سائحا وبهذه البلدة كثير من أهل الخير وأهلها هينون معتدلون محبون للغرباء مؤثرون للفقراء وأهل هذه البلاد من الموصل لديار بكر وديار ربيعة إلى الشام على هذه السبيل من حب الغرباء وإكرام الفقراء وأهل قراها كذلك فما يحتاج الفقراء الصعاليك معهم زادا لهم في ذلك مقاصد في الكرم مأثورة وشان أهل هذه الجهات في هذا السبيل عجيب والله ينفعهم بما هم عليه وأما عبادهم وزهادهم والسائحون في الجبال منهم فأكثر من أن يقيدهم الاحصاء والله ينفع المسلمين ببركاتهم وصوالح دعواتهم بمنه وكرمه ولهذه البلدة المذكورة أسواق حفيلة الانتظام عجيبة الترتيب مسقفة
220
نام کتاب : رحلة ابن جبير نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 220