نام کتاب : رحلة ابن جبير نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 197
الدر فأما نظمه فرضى الطباع مهياري الانطباع وأما نثره فيصدع بسعر البيان ويعطل المثل بقس وسحبان ومن أبهر آياته وأكبر معجزاته انه يصعد المنبر ويبتدئ القراء بالقراءة وعددهم نيف على العشرين قارئا فينتزع الاثنان منهم أو الثلاثة آية ن القران يتلونها على نسق بتطريب وتشويق فإذا فرغوا تلت طائفة أخرى على عددهم آية ثانية ولا يزالون يتناوبون آيات من سور مختلفات إلى أن يتكاملوا قراءة وقد أتوا بآيات مشتبهات لا يكاد المتقد الخاطر يحصلها عدد أو يسميها نسقا فإذا فرغوا أخذ هذا الامام الغريب الشان في ايراد خطبته عجلا مبتدرا وأفرغ في أصداف الاسماع من ألفاظه دررا وانتظم أوائل الآيات المقروءات في أثناء خطبته فقرا وأتى بها على نسق القراءة لها لا مقدما ولا مؤخرا ثم أكمل الخطبة على قافية آخر آية منها فلو ان أبدع من في مجلسه تكلف تسمية ما قرا القراء به آية آية على الترتيب لعجز عن ذلك فكيف بمن ينتظمها مرتجلا ويورد الخطبة الغراء بها عجلا أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون ان هذا لهو الفضل المبين فحدث ولا حرج عن البحر وهيهات ليس الخبر عنه كالخبر ثم إنه أتى بعد ان فرغ من خطبته برقائق من الوعظ وآيات بينات من الذكر طارت لها القلوب اشتياقا وذابت بها الأنفس احتراقا إلى أن علا الضجيج وتردد بشهقاته النشيج وأعلن التائبون بالصياح وتساقطوا عليه تساقط الفراش على المصباح كل يلقى ناصيته بيده فيجزها ويمسح على رأسه داعيا له ومنهم من يغشى عليه فيرفع في الأذرع اليه فشاهدنا
197
نام کتاب : رحلة ابن جبير نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 197