نام کتاب : رحلة ابن جبير نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 195
لهم من رحمة الله تعالى ما يحط كثيرا من أوزارهم ويسحب ذيل العفو على سوء آثارهم ويمنع القارعة الصماء ان تحل بديارهم لكنهم معهم يضربون في حديد بارد ويرومون تفجير الجلامد فلا يكاد يخلو يوم من أيام جمعاتهم من واعظ يتكلم فيه فالموفق منهم لا يزال في مجلس ذكر أيامه كلها لهم في ذلك طريقة مباركة ملتزمة مجالس علم ووعظ فأول من شاهدنا مجلسه منهم الشيخ الامام رضى الدين القزويني رئيس الشافعية وفقيه المدرسة النظامية والمشار اليه بالتقديم في العلوم الأصولية حضرنا مجلسه بالمدرسة المذكورة اثر صلاة العصر من يوم الجمعة الخامس لصفر المذكور فصعد المنبر وأخذ القراء أمامه في القراءة على كراسي موضوعة فتوقوا وشوقوا وأتوا بتلاحين معجبة ونغمات محرجة مطربة ثم اندفع الشيخ الامام المذكور خطب خطبة سكون ووقار وتصرف في أفانين من العلوم من تفسير كتاب الله عز وجل وايراد حديث رسوله صلى الله عليه وسلم والتكلم على معانيه ثم رشقته شآبيب المسائل من كل جانب فأجاب وما قصر وتقدم وما تأخر ودفعت اليه عدة رقاع فيها فجمعها جملة في يده وجعل يجاوب على كل واحدة منها وبنبذ بها إلى أن فرغ منها وحان الماء فنزل وافترق الجمع فكان مجلسه مجلس علم ووعظ وقورا هينا لينا ظهرت فيه البركة والسكينة ولم تقصر عن ارسال عبرتها فيه النفس المستكينة ولا سيما أخر مجلسه فإنه سرت حميا وعظه إلى النفوس حتى أطارتها خشوعا وفجرتها دموعا وبادر التائبون اليه سقوطا على يده
195
نام کتاب : رحلة ابن جبير نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 195