responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حياة الحيوان الكبرى نویسنده : كمال الدين دميري    جلد : 1  صفحه : 94


واحد ، أن معاوية بن يزيد لما خلع نفسه صعد المنبر فجلس طويلا ، ثم حمد اللَّه وأثنى عليه بأبلغ ما يكون من الحمد والثناء ، ثم ذكر النبي صلى اللَّه عليه وسلم ، بأحسن ما يذكر به ، ثم قال : يا أيها الناس ، ما أنا بالراغب في الإئتمار عليكم ، لعظيم ما أكرهه منكم ، وإني لأعلم أنكم تكرهوننا أيضا لأنا بلينا بكم وبليتم بنا ، إلا أن جدي معاوية رضي اللَّه تعالى عنه ، قد نازع في هذا الأمر من كان أولى به منه ، ومن غيره لقرابته من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ، وعظم فضله وسابقته ، أعظم المهاجرين قدرا ، وأشجعهم قلبا ، وأكثرهم علما وأولهم إيمانا ، وأشرفهم منزلة ، وأقدمهم صحبة ، ابن عم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ، وصهره وأخوه . زوجه صلى اللَّه عليه وسلم ابنته فاطمة ، وجعله لها بعلا باختياره لها ، وجعلها له زوجة باختيارها له ، أبو سبطيه سيدي شباب أهل الجنة وأفضل هذه الأمة تربية الرسول وابني فاطمة البتول ، من الشجرة الطيبة الطاهرة الزكية ، فركب جدي معه ما تعلمون ، وركبتم معه ما لا تجهلون ، حتى انتظمت لجدي الأمور ، فلما جاءه القدر المحتوم ، واخترمته أيدي المنون ، بقي مرتهنا بعمله ، فريدا في قبره ، ووجد ما قدمت يداه ، ورأى ما ارتكبه واعتداه ، ثم انتقلت الخلافة إلى يزيد أبي فتقلد أمركم لهوى كان أبوه فيه ، ولقد كان أبي يزيد بسوء فعله وإسرافه على نفسه ، غير خليق بالخلافة على أمة محمد صلى اللَّه عليه وسلم ، فركب هواه واستحسن خطاه ، وأقدم على ما أقدم من جراءته على اللَّه ، وبغيه على من استحل حرمته ، من أولاد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ، فقلت مدته وانقطع أثره ، وضاجع عمله ، وصار حليف حفرته رهين خطيئته ، وبقيت أوزاره وتبعاته ، وحصل على ما قدم وندم حيث لا ينفعه الندم ، وشغلنا الحزن له ، عن الحزن عليه ، فليت شعري ماذا قال وماذا قيل له هل عوقب بإساءته ؟ وجوزي بعمله وذلك ظني ثم اختنقته العبرة ، فبكى طويلا وعلا نحيبه ، ثم قال :
وصرت أنا ثالث القوم والساخط علي أكثر من الراضي ، وما كنت لأتحمل آثامكم ولا يراني اللَّه جلَّت قدرته متقلدا أوزاركم ، وألقاه بتبعاتكم ، فشأنكم أمركم فخذوه ، ومن رضيتم به عليكم فولوه ، فلقد خلعت بيعتي من أعناقكم والسلام .
فقال له مروان بن الحكم ، وكان تحت المنبر : أسنة عمرية يا أبا ليلى ؟ فقال أغد عني أعن ديني تخدعني ؟ فو اللَّه ما ذقت حلاوة خلافتكم فأتجرع مرارتها ، ائتني برجال مثل رجال عمر رضي اللَّه تعالى عنه ، على أنه ما كان من حين جعلها شورى ، وصرفها عمن لا يشك في عدالته ظلوما ، واللَّه لئن كانت الخلافة مغنما ، لقد نال أبي منها مغرما ومأثما ، ولئن كانت سوءا فحسبه منهاما أصابه . ثم نزل فدخل عليه أقاربه وأمه فوجدوه يبكي ، فقالت له أمه : ليتك كنت حيضة ، ولم أسمع بخبرك . فقال : وددت واللَّه ذلك ، ثم قال ويلي إن لم يرحمني ربي .
ثم إن بني أمية قالوا لمؤدبه عمر المقصوص : أنت علمته هذا ولقنته إياه ، وصددته عن الخلافة ، وزينت له حب علي وأولاده ، وحملته على ما وسمنا به من الظلم ، وحسّنت له البدع ، حتى نطق بما نطق ، وقال ما قال . فقال : واللَّه ما فعلته ، ولكنه مجبول ومطبوع على حب علي . فلم يقبلوا منه ذلك ، وأخذوه ودفنوه حيا حتى مات .
وتوفي معاوية بن يزيد رحمه اللَّه بعد خلعه نفسه ، بأربعين ليلة وقيل بسبعين ليلة ، وكان عمره ثلاثا وعشرين سنة ، وقيل إحدى وعشرين سنة وقيل ثماني عشرة ولم يعقب .

94

نام کتاب : حياة الحيوان الكبرى نویسنده : كمال الدين دميري    جلد : 1  صفحه : 94
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست