نام کتاب : حياة الحيوان الكبرى نویسنده : كمال الدين دميري جلد : 1 صفحه : 353
يطول طريقه ويشتد جوعه ، وفي العنف به إحسان إليه . قال : وكيف ذلك ؟ قال : يخف حمله ويطول أكله فأعجب الملك بكلامه ، وقال : قد أمرت لك بألف درهم . فقال : رزق مقدور وواهب مشكور . قال الملك : وقد أمرت بإثبات اسمك في حشمي قال : كفيت مؤونة ورزقت معونة . فقال له الملك : عظني فإني أراك حكيما . فقال : أيها الملك إذا استوت بك السلامة فجدد ذكر العطب ، وإذا هنأتك العافية ، فحدث نفسك بالبلاء ، وإذا اطمأن بك الأمن فاستشعر الخوف ، وإذا بلغت نهاية العمل فاذكر الموت ، وإذا أحببت نفسك فلا تجعلن لها في الإساءة نصيبا . فأعجب الملك بكلامه ، وقال : لولا أنك حديث السن لاستوزرتك . فقال : لن يعدم الفضل من رزق العقل . قال : فهل تصلح لذلك ؟ قال : إنما يكون المدح والذم بعد التجربة ولا يعرف الإنسان نفسه حتى يبلوها . فاستوزره فوجده ذا رأي صائب ، وفهم ثاقب ، ومشورة تقع موقع التوفيق . وفي هذا الكتاب دعابات فمنها أن الرشيد خرج إلى الصيد ، فانفرد عن عسكره والفضل بن الربيع خلفه ، فإذا هو بشيخ كبير راكب على حمار ، فنظر إليه ، فإذا هو رطب العينين فغمز الفضل عليه ، فقال له الفضل : أين تريد ؟ قال : حائطا لي . قال : هل لك أن أدلك على شيء تداوي به عينيك فتذهب تلك الرطوبة ؟ فقال : ما أحوجني إلى ذلك فقال له : خذ عيدان الهواء وغبار الماء وورق الكماة ، فصره في قشرة جوزة ، واكتحل به فإنه يذهب رطوبة عينيك . فاتكأ الشيخ على قربوس [1] سرجه ، وضرط ضرطة طويلة ، ثم قال : هذه أجرة لوصفك ، وإن نفعنا الكحل زدناك . فضحك الرشيد حتى كاد يسقط عن دابته . ومنها أنه حضر خياط لبعض الأمراء ليفصل له قباء ، فأخذ يفصل والأمير ينظر إليه ، فلم يتهيأ له أن يسرق شيئا فضرط فضحك الأمير حتى استلقى فأخرج الخياط من القباء ما أراد فجلس الأمير وقال : يا خياط ضرطة أخرى ، فقال الخياط لا لئلا يضيق القباء . وفي كتاب نشوان المحاضرة قال ذو النون بن موسى : كنت غلاما ، والمعتضد إذ ذاك بكور الأهواز ، فخرجت يوما من قرية يقال لها سانطف أريد عسكر مكرم [2] . ومعي حماران واحد راكبه والآخر عليه حمل البطيخ ، فمررت بعسكر المعتضد ، وأنا لا أعلم من هو ، فأسرع إلي جماعة منهم فأخذ واحد منهم من الحمل ثلاث بطيخات أو أربع ، فخفت أن ينقص عن عدده فأتهم به ، فبكيت وصحت ، والحمار يسير على المحجة ، والعسكر مجتاز وإذا بكبكبة عظيمة يقدمها رجل منفرد ، فوقف وقال : يا مالك يا غلام تبكي وتصيح ؟ فعرفته الخبر ، فوقف ثم التفت إلى القوم وقال : أيه علي بالرجل الساعة . قال : فجيء به في أسرع من طبق البصر ، حتى كأنه كان وراء ظهره ، فقال : هو هذا يا غلام ؟ قلت : نعم فأمر به فضرب بالمقارع ، وهو واقف وأنا راكب على حماري ، والعسكر واقف وجعل يقول له : وهو يضرب يا كلب أما كان معك ثمن هذا البطيخ ؟ أما قدرت أن تمنع نفسك منه ؟ أهو مالك أو مال أبيك ؟ أليس صاحبه أتعب نفسه وأجهد في زرعه وسقيه وأداء خراجه ؟ والمقارع تأخذه حتى ضرب مائة مقرعة . ثم أمر لي بأربعة دنانير وسار . وأخذ الجيش يشتموني ويقولون : ضرب القائد الفلاني بسبب هذا مائة مقرعة فسألت بعضهم فقال : هذا أمير المؤمنين المعتضد .
[1] القربوس : حنو السّرج . [2] عسكر مكرم : بلدة في نواحي خوزستان .
353
نام کتاب : حياة الحيوان الكبرى نویسنده : كمال الدين دميري جلد : 1 صفحه : 353