نام کتاب : حياة الحيوان الكبرى نویسنده : كمال الدين دميري جلد : 1 صفحه : 313
الرأيين المتضادين في النفس وجال في صهوة جواده : جال أي وثب ، والصهوة مقعد الفارس من ظهر فرسه . والكوماء الناقة العظيمة السنام . ونظير هذا من الرؤيا المنسية ، وليست من أخبار الكهان ، وإنما هو خبر نبوي ، رؤيا بختنصر ، وذلك أن بختنصر ، لما غزا بيت المقدس ، اختار من سبي بني اسرائل مائة ألف صبي ، فكان منهم دانيال عليه السلام ، فرأى بختنصر رؤيا ارتاع لها ، وحدث له في المنام ما أنساه الرؤيا ، فسأل الكهان والسحرة والمنجمين عن ذلك ، فقالوا له : إن أخبرتنا عن رؤياك أخبرناك عن تأويلها ، فقال : إني قد أنسيتها ، ولئن لم تخبروني بها لأنزعن أكتافكم . فخرجوا من عنده مذعورين ثم رجع إليه أحدهم فقال له : أيها الملك ، إن لم يكن أحد عنده علم بالرؤيا ، فهو دانيال الغلام الإسرائيلي ، فأحضره وسأله فقال له دانيال : إن لي ربا عنده علم ذلك ، فأجلني فأجله ثلاثا ، فخرج دانيال فأقبل على الصلاة والدعاء ، فأوحى اللَّه إليه بالرؤيا وبتأويلها ، فأتى إلى بختنصر وقال له : إنك رأيت صنما قدماه وساقاه من فخار ، وركبتاه وفخذاه من نحاس ، وبطنه من فضة ، وصدره من ذهب ، وعنقه ورأسه من حديد . قال : صدقت : قال دانيال : فبينما أنت تنظر إليه وتتعجب منه ، إذ أرسل اللَّه عليه صخرة من السماء فهشمته ، فصار رفاتا ، ثم عظمت تلك الصخرة ، حتى ملأت الدنيا ، فهي التي أنستك الرؤيا . قال : صدقت . فما تأويلها ؟ قال دانيال : أما الصنم فهو مثل لملوك الدنيا ، وكان بعضهم ألين ملكا من بعض ، فكان أول الملك الفخار وهو أضعفه ، ثم كان فوقه النحاس وهو أفضل منه وأشد ، ثم كان فوقه الفضة وهي أفضل وأحسن ، ثم كان فوقه الذهب وهو أفضل منها وأحسن من ذلك كله ، ثم كان الحديد من فوقه وهو أشد منه ، وهو ملكك فهو أشد ملك ، وأعز مما كان قبله . وأما الصخرة التي أرسلها اللَّه من السماء ، فنبي يبعثه اللَّه في آخر الزمان ، فيدق ذلك كله أجمع ، وتمتلىء الدنيا بدينه ، ويصير الأمر إليه ويقيم له ملكا لا يزول أبدا ما بقي الدهر . فعجب بختنصر مما سمع ، وأحسن إلى دانيال وقربه وأعلى منزلته . وذكر ابن خلكان في ترجمة ابن القرية [1] واسمه أيوب بن زيد بن القرية ، بكسر القاف وتشديد الراء المهملة وكسرها بالياء المثناة تحت . وكان أعرابيا مقربا عند الحجاج ، أن الحجاج بعثه إلى عبد الرحمن بن الأشعث بن قيس الكندي لما خرج على عبد الملك بن مروان ، وخلعه ودعا إلى نفسه ، فقال ابن الأشعث : لتقومن خطيبا ، ولتخلعن ابن مروان ، ولتسبن الحجاج ، أو لأضربن عنقك . ففعل ابن القرية ذلك وأقام عند ابن الأشعث ، فلما قتل ابن الأشعث بدير الجماجم ، في الوقعة التي كانت بينه وبين الحجاج ، جىء بابن القرية إلى الحجاج فسأله عن أشياء ، فمن كلامه في جواب الحجاج ملخصا : أهل العراق أعلم الناس بحق وباطل . أهل الحجاز أسرع الناس إلى فتنة وأعجزهم فيها . أهل الشأم أطوع الناس لخلفائهم . أهل مصر عبيد من غلب . أهل اليمن أهل طاعة ولزوم جماعة . أرض الهند بحرها در وجبلها ياقوت ، وشجرها عود ، وورقها عطر . اليمن أصل العرب وأصل البيوتان والحسب . مكة رجالها علماء حفاة ، ونساءها كساة عراة .