responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حياة الحيوان الكبرى نویسنده : كمال الدين دميري    جلد : 1  صفحه : 216


العدل والرجوع عن ذلك العزم . فلما كان آخر الليل ، قالت لها أمها : قومي احلبي ، فقامت فوجدت البقرة حافلا ، فقالت : يا أماه قد واللَّه ذهب ما في نفس الملك من السوء . فلما ارتفع النهار ، جاء أصحاب كسرى فركب وأمر بحمل العجوز وابنتها إليه ، فأحسن إليهما ، وقال : كيف علمتما ذلك ؟ فقالت العجوز : أنا بهذا المكان منذ كذا وكذا ما عمل فينا بعدل إلا أخصبت أرضنا ، واتسع عيشنا ، وما عمل فينا بجور إلا ضاق عيشنا ، وانقطعت مواد النفع عنا . وذكر الإمام الطرطوشي ، في سراج الملوك ، أنه كان بصعيد مصر نخلة تحمل عشرة أرادب تمرا ولم يكن في ذلك الزمان نخلة تحمل نصف ذلك فغصبها السلطان ، فلم تحمل في ذلك العام ولا تمرة واحدة . قال الطرطوشي : وقال لي شيخ من أشياخ الصعيد : أعرف هذه النخلة في الغربية تجني عشرة أرادب ستين ويبة ، وكان صاحبها يبيع في سني الغلاء كل ويبة بدينار . وذكر ابن خلكان ، في ترجمة جلال [1] الدولة ملك شاه السلجوقي ، أن واعظا دخل عليه ، فكان من جملة ما وعظه به أن بعض الأكاسرة اجتاز منفردا عن عسكره ، على باب بستان ، فتقدّم إلى الباب وطلب ماء يشربه ، فخرجت له صبية بإناء ، فيه ماء قصب السكر والثلج ، فشربه فاستطابه فقال لها : هذا كيف يعمل ؟ فقالت : إن القصب يزكو عندنا حتى نعصره بأيدينا فيخرج منه هذا الماء . فقال : ارجعي واعصري شيئا آخر ، وكانت الصبية غير عارفة به ، فلما ولت قال في نفسه : الصواب أن أعوضهم غير هذا المكان واصطفيه لنفسي ، فما كان بأسرع من خروجها باكية وقالت : إن نية سلطاننا قد تغيرت : قال : ومن أين علمت ذلك ؟ قالت : كنت آخذ من هذا ما أريد بغير تعب ، والآن قد اجتهدت في عصره فلم أستطع ، فرجع عن تلك النية ، ثم قال لها : ارجعي الآن فإنك تبلغين الغرض ، وعقد في نفسه ، أن لا يفعل ما نواه . فذهبت ثم جاءت ومعها ما شاءت من ماء القصب ، وهي مستبشرة . قال : وكان ملك شاه من أحسن الملوك سيرة ، حتى لقب بالملك العادل ، وكان قد أبطل المكوس والخفارات في جميع البلاد فكثر الأمن في زمانه ، وكان قد ملك ما لم يملكه أحد من ملوك الإسلام . وكان لهجا بالصيد ، قيل إنه ضبط ما اصطاده بيده فكان عشرة آلاف ، فتصدق بعشرة آلاف دينار وقال : إني خائف من اللَّه تعالى من إزهاق الأرواح لغير مأكله ، وكان كلما اصطاد صيدا يتصدق بدينار . وقيل إنه خرج مرة من الكوفة ، فاصطاد في طريقه وحشا كثيرا فبنى هناك منارة من حوافر حمر الوحش وقرون الظباء التي صادها في تلك الطريق . قال : يعني ابن خلكان والمنارة باقية إلى الآن تعرف بمنارة القرون .
وكانت وفاته ببغداد سادس عشر شوّال سنة خمس وثمانين وأربعمائة . ومن عجيب الإتفاق أنه المقتدي باللَّه كان قد بايع لولده المستظهر بولاية العهد من بعده ، فلما دخل ملك شاه بغداد المرة الثالثة ألزم المقتدي أن يعزل ولده المستظهر ويجعل ولده جعفر ، الذي رزقه من ابنته ولي العهد ويخرج المقتدي إلى البصرة . فشق ذلك على المقتدي ، وبالغ في استنزال ملك شاه عن هذا الرأي فلم يفعل ، فسأله المهلة عشرة أيام ليتجهز ، فأمهله فجعل المقتدي يصوم ويطوى ، وإذا



[1] ملكشاه السلجوقي ، جلال الدولة ، أبو الفتح بن ألب أرسلان محمد بن داود بن ميكائيل بن سلجوق بن دقاق ، اتسعت مملكته حتى خطب له في جميع بلاد ما وراء النهر وباب الأبواب والروم وديار بكر والجزيرة والشام ، وكان حسن السيرة ويلقب بالعادل . مات في بغداد سنة 485 ه - . وفيات الأعيان : 5 / 283 .

216

نام کتاب : حياة الحيوان الكبرى نویسنده : كمال الدين دميري    جلد : 1  صفحه : 216
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست