responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حياة الحيوان الكبرى نویسنده : كمال الدين دميري    جلد : 1  صفحه : 247


أخرج من سجونه ثلاثمائة ألف . وقال ابن خلكان : ولم يكن لحبسه سقف يستر الناس من الشمس في الصيف ، ولا من المطر في الشتاء ، بل كان حوشا مبنيا بالرخام . وكان له غير ذلك من أنواع العذاب . وقيل : إنه سأل كاتبه يوما فقال : كم عدة من قتلنا في التهمة ؟ فقال ثمانون ألفا .
وكانت مدة ولايته على العراق عشرين سنة ، ومات وله ثلاث وخمسون سنة . روي أنه ركب يوم جمعة ، فسمع ضجة ، فقال : ما هذا ؟ فقيل : المحبوسون يضجون ويشكون مما هم فيه ، من الجوع والعذاب . فالتفت إلى ناحيتهم وقال : * ( اخْسَؤُا فِيها ولا تُكَلِّمُونِ ) * [1] . فما صلى جمعة بعدها . ورأيت على حاشية تاريخ ابن خلكان بخط بعض المشايخ أن بعض العلماء كفره بهذا الكلام وغيره مما وقع منه . وفي الكامل للمبرد : ومما كفر به الفقهاء الحجاج أنه رأى الناس يطوفون حول حجرة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقال : إنما تطوفون بأعواد ورمة . قلت : وإنما كفروه بهذا لأن في هذا الكلام تكذيبا لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم نعوذ باللَّه من اعتقاد ذلك . فإنه صح عنه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال : « إن اللَّه عزّ وجلّ حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء » أخرجه [2] أبو داود وذكر أبو جعفر الداودي هذا الحديث بزيادة ذكر الشهداء والعلماء والمؤذنين . وهي زيادة غريبة . قال السهيلي :
الداودي من أهل الفقه والعلم . ولكن روي عن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحمه اللَّه ، أنه رأى الحجاج في المنام بعد موته وهو جيفة منتنة ، فقال له : ما فعل اللَّه بك قال : قتلني بكل قتيل قتلته قتلة واحدة إلا سعيد بن جبير [3] فإنه قتلني به سبعين قتلة . فقال له : ما أنت منتظر ؟ فقال ما ينتظره الموحدون فهذا مما ينفي عنه الكفر . ويثبت أنه مات على التوحيد وعند اللَّه علم حاله وهو أعلم بحقيقة أمره .
تنبيه :
فإن قيل : ما الحكمة في أن اللَّه تعالى قتل الحجاج بكل قتيل قتله قتلة واحدة إلا سعيد بن جبير رحمه اللَّه تعالى ؟ وهو قد قتل عبد اللَّه بن الزبير [4] رضي اللَّه تعالى عنهما ، وهو صحابي وسعيد بن جبير تابعي ؟ والصحابي أفضل من التابعيّ فالجواب أن الحكمة في ذلك ، أن الحجاج لما قتل عبد اللَّه بن الزبير رضي اللَّه تعالى عنهما كان له نظراء في العلم كثيرون كابن عمر وأنس بن مالك وغيرهما من الصحابة ، ولما قتل سعيد بن جبير لم يكن له نظير في العلم في وقته .
وذكر غير واحد من المصنفين أن الحسن البصري رحمه اللَّه لما بلغه قتل سعيد بن جبير ، قال : واللَّه لقد مات سعيد بن جبير يوم مات وأهل الأرض من مشرقها إلى مغربها محتاجون لعلمه . فمن هذا المعنى ضوعف العذاب على الحجاج بقتله . واللَّه أعلم . وسيأتي حديث قتل سعيد بن جبير في باب اللام في اللبوة . وقتل عبد اللَّه بن الزبير تقدم في باب الهمزة في الأوز .



[1] سورة المؤمنون : الآية : 108 .
[2] رواه أبو داود في الصلاة : 201 . وتر : 26 . والنسائي في الجمعة : 5 ، ورواه ابن ماجه في الإقامة : 79 . والجنائز : 65 . والدارمي في الصلاة : 206 وابن حنبل : 4 ، 8 .
[3] سعيد بن جبير الأسدي بالولاء ، الكوفي ، تابعي كان أعلمهم إطلاقا ، وهو حبشي الأصل . قتله الحجّاج ، وكان أهل الأرض في حاجة إلى علمه ، سنة 95 ه - .
[4] ابن الزبير : عبد اللَّه بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي أبو بكر ، أول مولود في المدينة بعد الهجرة ، بويع له بالخلافة سنة 64 ه - ، حاربه بنو أمية ، فحاصره أخيرا الحجاج في البيت الحرام وقتله سنة 73 ه .

247

نام کتاب : حياة الحيوان الكبرى نویسنده : كمال الدين دميري    جلد : 1  صفحه : 247
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست