responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حياة الحيوان الكبرى نویسنده : كمال الدين دميري    جلد : 1  صفحه : 131


أنه قال : مشيت يوما بين يدي المعتضد وهو يريد دار الحرم ، فلما بلغ باب دار المقتدر ، وقف وتسمع وتطلع من خلل في الستر ، فإذا هو بالمقتدر ، وله إذ ذاك خمس سنين أو نحوها ، وهو جالس وحوله قدر عشر وصائف ، من أترابه في قدر سنه ، وبين يديه طبق فضة وفيه عنقود عنب ، في وقت فيه العنب عزيز جدا ، والصبي يأكل عنبة واحدة ثم يطعم الجماعة عنبة عنبة على الدور حتى إذا بلغ الدور إليه ، أكل واحدة مثل ما أكلوا ، حتى فني العنقود ، والمعتضد يتمزق غيظا ، ثم رجع ولم يدخل الدار . فرأيته مهموما ، فقلت : يا مولاي ما سبب فعلته ؟ فقال : يا صافي واللَّه لولا العار والنار لقتلت هذا الغلام اليوم ! يعني المقتدر ، فإن في قتله صلاحا للأمة . فقلت : يا مولاي ما شأنه وأي شيء عمل ؟ أعيذك باللَّه يا مولاي من هذا . فقال : ويحك أنا أبصر بما أقوله ، أنا رجل قد سست الأمور ، وأصلحت الدنيا بعد فساد شديد ، ولا بد من موتي ، وأنا أعلم أن الناس بعدي لا يختارون أحدا على ولدي ، وإنهم سيجلسون ابني عليا يعني المكتفي وما أظن أن عمره يطول ، للعلة التي به ، يعني الخنازير التي كانت في حلقه ، فيتلف عن قريب ولا يرى الناس اخراجها عن ولدي ، ولا يجدون بعده أمثل من جعفر يعني المقتدر وهو صبي وله من الطبع والسخاء هذا الذي قد رأيته من أنه أطعم الوصائف مثلما أكل ، وساوى بينه وبينهم في شيء عزيز في العالم ، والشح على مثله في طباع الصبيان غالب ، فتحتوي عليه النساء لقرب عهده بهن فيقسم ما جمعته من الأموال كما قسم العنب ، ويبدد ارتفاع الدنيا فتضيع الثغور ، وتعظم الأمور ، وتخرج الخوارج ، وتحدث الأسباب التي يكون فيها زوال الملك عن بني العباس رأسا . فقلت : يا مولاي يبقيك اللَّه ، حتى ينشأ في حياة منك ، ويصير كهلا في أيامك ويتأدب بآدابك ، ويتخلق بأخلاقك ، ولا يكون هذا الذي ظننت . فقال : ويحك احفظ عني ما أقول لك : فإنه كما قلت : قال : ومكث يومه مغموما مهموما .
وضرب الدهر ضرباته ، ومات المعتضد وولي المكتفي فلم يطل عمره ومات . وولي المقتدر فكانت الصورة كما قال مولاي المعتضد بعينها ، فكنت كلما ذكرت قوله أعجب منه ، فو اللَّه لقد وقفت يوما على رأس المقتدر وهو في مجلس لهوه ، فدعا بالأموال فأخرجت إليه ووضعت البدر [1] بين يديه ، فجعل يفرقها على الجواري والنساء ، ويلعب بها ويمحقها أو يهبها . فذكرت قول مولاي المعتضد ثم إن الجند وثبوا على العباس وزيره فقتلوه ، وأحضروا عبد اللَّه بن المعتز وبايعوه وخلعوا المقتدر .
خلافة عبد اللَّه بن المعتز المرتضي باللَّه بويع بالخلافة بعد خلع المقتدر . بعد أن شرط عليهم أن لا يكون في ذلك حرب ولا سفك دم . فلما بويع له كتب إلى المقتدر ، يأمره بلزوم دار ابن طاهر [2] بوالدته وجواريه ، وأمر الحسن بن حمدان وابن عمرويه ، صاحب الشرطة ، أن يصير إلى دار المقتدر ، فمضيا فخرج إليهما الغلمان



[1] البدر : جمع البدرة وهي الكمية من المال
[2] ابن طاهر : عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن طاهر بن الحسين الخزاعي ، صاحب الشرطة في بغداد وكان رفيع المنزلة أيام المعتضد العباسي . له شعر . مات في بغداد سنة 300 ه - .

131

نام کتاب : حياة الحيوان الكبرى نویسنده : كمال الدين دميري    جلد : 1  صفحه : 131
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست