أما أسلوبه في سرد هذه الأخبار ، فهو أسلوب سهل التعبير ، لا حشو فيه ولا زخرف صناعه تعلوه ، لذلك جاءت جملته الإخبارية قصيرة ، بخلاف جملة ابن الأثير وابن مسكويه وأضرابهما . ولم أجد فيما وجدت بين المؤرخين - على الطريقة الحولية - من يماثله في سرده بعد ابن مسكويه الا ابن الجوزي في المنتظم . الهمداني في أسلوبه هذا ، لا يغالي في سرد الحوادث ، أي أنه لا يثقل الأخبار بعصبية اقليمية أو دينية ، ليبالغ في تأثيرها بين سواد الناس ، شأن ابن الأثير في الكامل والسيوطي في تاريخ الخلفاء ، ولا يحوم حول ما يسمى بالخوارق Originality في أخبار الناس الخاصة والعامة ، كالمسعودي في مروج الذهب . وبالإضافة إلى التاريخ ، فإننا نجد للأدب امتداد أغصان في سماء هذه التكملة ، ففيها اخبار أدباء ومتصوفة وفقهاء وعلماء ، كانوا في أيامهم شغل الناس وموضوع ثقافتهم . . . بناء عليه ، فقد اعتمد التكملة جمهرة من أساطين التحقيق والبحث نذكر منهم على سبيل المثال ، المستشرق H . F . Amedroz في تحقيقه لكتاب تجارب الأمم لابن مسكويه وكتاب تحفة الأمراء للصابي المطبوع في بيروت 1904 بمطبعة الآباء اليسوعيين . وكذلك المستشرق الفرنسي الكبير لويس ماسينيون في جمعه لديوان الحلاج ، الذي نشره في المجلة الآسوية سنة 1931 . وكذلك اعتمد التكملة في تصحيح الكامل الأستاذ الشيخ عبد الوهاب النجار ، والجدير بالذكر ان حضرته يذكر وفاة الهمداني في جملة اخبار سنة 521 ولا يشير في الهامش إلى ذكر كتابه التكملة البتة . وبعد ، فالتكملة أصل من أصول التاريخ العربي التي كانت مطمورة ، فكشف عنها تراب النسيان ، وانتزعت من خزانة الظلمات إلى النور ، ولدى مطالعتها يتضح للقارئ الكريم انها تنفرد بكثير من الأخبار ، وانها عرض صريح للصراع العنيف الذي كان آخذا بالخلافة الاسلامية اعصارا يزعزع أركانها ، والى مطامع الأتراك وانخذال العنصر العربي ، وكيف كان يطوح بالرؤوس إلى خزانة الرؤوس . . . أما الجهد المبذول في التحقيق ووضع الفهارس ، فإننا نردد فيه قول الشاعر : لا يعرف الشوق الا من يكابده * ولا الصبابة الا من يعانيها