أنه قاتل سياوخش الذي مثل به بعد قتله . فقرب منه كيخسرو ، ثم طأطأ رأسه بالسجود ، ثم قال : « الحمد للَّه الذي أمكنني منك . » ووبّخه طويلا . ثم أمر بقطع أعضائه حيّا . فلمّا لم يبق له طابق [1] ذبحه . ثم استقرّ في مضربه ، وأجلس عمّه عن يمينه ، ودعا بجوذرز [2] ، فأحسن صلته ومخاطبته ، وحمد ما كان منه ، وفوّض إليه الوزارة التي يقال لها : بزرج فرمذار [3] ، وهو مرتبة الوزارة ، وجعل إليه مع ذلك إصبهان وجرجان ، وفعل مثل ذلك من الحباء [4] والكرامة بكلّ من أبلى [5] من قوّاده ورجاله . ثم أتته الأخبار من الوجوه الثلاثة الأخر : أنّهم قد أحاطوا بفراسياب . وبرز فراسياب ، وما كان بقي من ولده إلَّا شيذه ، [6] فتوجه نحو كيخسرو بعدّة وعتاد . فيقال : إنّ كيخسرو أشفق يومئذ ، وهابه ، وظنّ أن لا طاقة له به ، وإنّ القتال بقي متّصلا [ 45 ] بينهما أربعة أيام ، إلى أن انهزم شيذه واتّبعه كيخسرو ، فلحقه وضربه بالعمود على رأسه فخرّ ميّتا ، وغنم كيخسرو ماله . وبلغ الخبر فراسياب ، فأقبل في جمع عظيم . فلمّا التقى مع كيخسرو ، نشبت بينهما حرب يقال : إنّه لم ير مثلها قطَّ على وجه الأرض ، حتى اختلط رجال إيرانشهر برجال الترك . ثم انهزم فراسياب وكثر القتل . فتزعم الفرس أنّه بلغ عدد القتلى أمرا عظيما ، لم أستحسن ذكره لكثرته . وجدّ كيخسرو في طلبه ، حتى لحقه بآذربيجان ، فظفر به واستوثق منه بالحديد . ثم وبّخه ، وسأله عن سبب قتله سياوخش . فلم تكن [7] له حجّة ، فذبحه كما ذبح سياوخش . ثم انصرف غانما
[1] . الطابق والطابق : العضو ، كاليد والرجل . [2] . مط : ودعا بحق جوذرز . [3] . بالفارسية : بزرگ فرماندار : الوزير الأعظم ( لد ) . بالفهلوية : Vazurg Farmatar ( ف ) . [4] . في الأصل : الحبا . مط : الحبى ، الحباء : العطاء . [5] . أبلى في الأمر : اجتهد فيه وبالغ . [6] . الطبري : شيده ( 2 : 615 ) . [7] . فلم تكن . . . ذبح : سقطت من مط .