كثير . وانصرف برزافره ومن أفلت معه إلى كيخسرو . فرئيت الكآبة في وجهه ، وامتنع من الطعام والشراب ، إلى أن مضت أيام . ثم راسل جوذرز . ولمّا دخل عليه شكا إليه برزافره ، وأعلمه أنّه كان سبب الهزيمة بالعلم وخذلانه ولده . فقال كيخسرو : - « إنّ حقّك لازم لنا لخدمتك أبانا [1] ، وهذه جنودنا وخزائننا [2] مبذولة لك . فاطلب ترتك [3] ، واستعدّ [ 41 ] وتهيّأ للتوجّه إلى فراسياب . فنهض جوذرز ، فقبّل يده وقال : - « أيها الملك ، نحن رعيّتك وعبيدك . فإن كانت آفة ، أو نازلة ، فلتكن بالعبيد ، دون الملوك . وأولادي المقتولون فداؤك ، ونحن من وراء الانتقام من فراسياب والاشتفاء من الترك . » وكتب كيخسرو إلى رؤساء أجناده ووجوه عسكره يأمرهم بموافاته في صحراء تعرف بشاه اسطون [4] من كورة بلخ ، في وقت وقّته لهم . فوافت رؤساء الأجناد في ذلك اليوم ، وشخص إليه كيخسرو بإصبهبذيه وأصحابهم وفيهم برزافره عمه ، وجوذرز وبقية ولده . فتولى كيخسرو بنفسه عرض الجند ، حتى عرف مبلغهم ، وفهم أحوالهم . ثم دعا بجوذرز وثلاثة نفر معه ، فأعلمهم أنه يريد إدخال العساكر على الترك من أربعة وجوه ، حتى يحيطوا بهم برّا وبحرا ، وقوّد على تلك العساكر ، وجعل أعظمها إلى جوذرز وجماعة من الإصهبذين [ 42 ] كثيرة . ودفع إليه يومئذ العلم الأكبر الذي يسمونه : درفش كابيان ، ولم يكن يدفع قبل ذلك إلى أحد من القواد ، وإنّما كانوا يسيّرونه مع أولاد الملوك [5] ، وأمر أحد
[1] . مط : إيانا . [2] . مط : وخزانتنا . [3] . الترة : الثأر . [4] . شاهستون : كانت ناحية من أعمال بلخ ( لد ) . [5] . وانما . . . الملوك : سقطت من مط .