حاجة لنا - بعد أن نصيب قتلة إخواننا منكم - في سفك دمائكم . » فقال فروة بن نوفل الأشجعي : - « والله ما أدرى : على أىّ شيء ، أقاتل علىّ بن أبي طالب . » فانصرف في خمسمائة فارس . وخرج إلى علىّ منهم نحو ذلك . وكانوا أربعة آلاف ، ورئيسهم عبد الله بن وهب الراسبي . وكان علىّ قدّم الخيل دون الرجال ، وصفّ الناس وراء الخيل صفّين ، وصفّ المرامية أمام الصفّ الأول ، وقال لأصحابه : - « كفّوا عنهم حتى يبدؤكم ، فإنّهم لو قد شدّوا عليكم وخلفهم رجال [1] ، لم ينتهوا إليكم إلَّا لاغبين [2] ، وأنتم له قارّون حامّون [3] . » فأقبل الخوارج وهم يتنادون : - « الرواح الرواح إلى الجنّة . » وشدّوا ، فلم تثبت خيل علىّ لشدّتهم ، وافترقت الخيل فرقتين : فرقة نحو الميمنة ، وفرقة نحو الميسرة . وأقبلوا نحو الرجال ، فاستقبلت المرامية [ 31 ] وجوههم بالنبل ، وعطفت عليهم الخيل من الميمنة والميسرة ، ونهض إليهم الرجال بالرماح والسيوف ، فما لبّثوهم أن أناموهم عن آخرهم . قال حكيم بن سعد : ما هو إلَّا أن لقينا أهل النهر ، فما لبّثناهم ، كأنّما قيل لهم : موتوا ! فماتوا . ولم يقتل من أصحاب علىّ إلَّا سبعة ، واستخرج ذو الثديّة ، على الحكاية المعروفة ، وخبره مشهور . وانصرف علىّ إلى معكسره بالنخيلة من ظاهر الكوفة ، وأمر الناس أن يسيروا على تعبئتهم إلى الشام .
[1] . كذا في الأصل ومط : وخلفهم رجال . وفي الطبري ( 6 : 3381 ) : وجلَّهم رجال . [2] . كذا في الأصل والطبري : لاغبين . وفي مط : لاعتين . [3] . كذا في الأصل ومط : وأنتم له قارّون حامّون . وما في الطبري : رادّون حامون .